اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ} (11)

قوله : { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } .

قرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرو{[59989]} : بالياء من تحت مضمومة ؛ على ما لم يسم فاعله ، «لاغية » رفعاً لقيامه الفاعل .

وقرأ نافع كذلك إلا أنه بالتاء من فوق{[59990]} ، والتذكير والتأنيث واضحان ؛ لأن التأنيث مجازي .

وقرأ الباقون : بفتح التاء من فوق ، ونصب : «لاغية » ، فيجوز أن تكون التاء للخطاب ، أي : لا تسمع أنت ، وأن تكون للتأنيث ، أي : لا تسمع الوجوه .

وقرأ الفضلُ والجحدري{[59991]} : «لا يَسْمَعُ » بياء الغيبة مفتوحة «لاغيةً » نصباً ، أي : لا يسمع فيها أحد .

و«لاغية » يجوز أن تكون صفة لكلمة على معنى : النسب ، أي : ذات لغو ، أو على إسناد اللغو إليها مجازاً ، وأن تكون صفة لجماعة : أي : جماعة لاغية ، وأن تكون مصدراً ، كالعافية والعاقبة ، كقوله : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } [ الواقعة : 25 ] ، واللَّغْوُ : اللَّغَا واللاغية بمعنى واحد ؛ قال الشاعر : [ الرجز ]

5185- *** عَنِ اللَّغَا ورفَثِ التَّكلُّمِ***{[59992]}

قال الفراء والأخفش : أي : لا تسمع فيها كلمة لغوٍ .

والمراد باللغو : ستة أوجه :

أحدها : كذباً وبهتاناً وكفراً بالله عز وجل ، قاله ابن عباس{[59993]} .

الثاني : لا باطل ولا إثم ، قاله قتادة{[59994]} .

الثالث : أنه الشتم ، قاله مجاهد{[59995]} .

الرابع : المعصية ، قاله الحسن{[59996]} .

الخامس : لا يسمع فيها حالف يحلف بكذب ، قاله الفراء .

وقال الكلبي : لا يسمع في الجنة حالف بيمين برّة ولا فاجرة{[59997]} .

السادس : لا يسمع في كرمهم كلمة لغوٍ ؛ لأن أهل الجنَّة لا يتكلمون إلا بالحكمة ، وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم . قاله الفراء ، وهو أحسن الأقوال ، قاله القفال والزجاج .


[59989]:ينظر: السبعة 681، والحجة 6/399، 400، وإعراب القراءات 2/469، وحجة القراءات 760.
[59990]:ينظر السابق.
[59991]:ينظر: الدر المصون 6/514.
[59992]:البيت للعجاج وقبله: *** ورب أسراب حجيج كظم *** ينظر: ديوان العجاج ص 296، ومجاز القرآن 1/7، والمحتسب 2/247 واللسان (رفث)، (كظم)، و(سرب)، والقرطبي 2/23.
[59993]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/23).
[59994]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/554) وذكره السيوطي في "الدرالمنثور" (6/574) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[59995]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/554) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/574) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
[59996]:ذكره الماوردي في "تفسيره" (6/260) والقرطبي (20/23).
[59997]:ينظر المصدر السابق.