المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (123)

123- وخافوا عقاب الله في يوم لا تدفع فيه نفس عن نفس شيئاً ، ولا يقبل منها فداء ، ولا تنفعها شفاعة ، ولا يجد فيه الكافرون نصيراً لهم من دون الله .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (123)

وكما بدأ القرآن حديثه مع اليهود بندائهم بأحب أسمائهم إليهم ، فقد اختتمه - أيضاً - بهذا النداء فقال : { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ . . . }

في هاتين الآيتين تكرير لتذكير بني إسرائيل بما سبق أن ذكروا به في صدر الحديث معهم في هذه السورة ، وذلك لأهمية ما ناداهم من أجله وأهمية الشيء تقتضي تكرار الأمر به إبلاغاً في الحجة وتأكيداً للتذكرة .

قال القاضي : ولما صدر القرآن قصة بني إسرائيل بذكر النعم والقيام بحقوقها والحذر من إضاعتها ، والخوف من الساعة وأهوالها ، كرر ذلك وختم به الكلام معهم ، مبالغاً في النصح وإيذاناً بأنه فذلكه القضية ، والمقصود من القصة .

هذا وبعد أن ذكر الله - تعالى - في الآيات السابقة نعمه على بني إسرائيل ، وبين كيف كانوا يقابلون النعم بكفر وعناد ، ويأتون منكرات في الأقوال والأعمال ، وختم الحديث معهم بإنذار بالغ ، وتذكير بيوم لا يغني فيه أحد عن أحد شيئاً ، بعد كل ذلك واصل القرآن حديثه عن قصة إبراهيم - عليه السلام - لأنهم هم والمشركون ينتمون إليه ويقرون بفضله ، فقال - تعالى - : { وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ . . . }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (123)

{ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }( 123 )

وقد تقدم القول على مثل هذه الآية إلى قوله : { ينصرون } ومعنى { لا تنفعها شفاعة } أي ليست ثم ، وليس( {[1209]} ) المعنى أنه يشفع فيهم أحد فيرد ، وإنما نفى أن تكون ثم شفاعة على حد ما هي في الدنيا ، وأما الشفاعة التي هي في تعجيل الحساب فليست بنافعة لهؤلاء الكفرة في خاصتهم ، وأما الأخيرة التي هي بإذن من الله تعالى في أهل المعاصي من المؤمنين فهي بعد أن أخذ العقاب حقه ، وليس لهؤلاء المتوعدين من الكفار منها شيء .


[1209]:- لم ينبه رحمه الله على هذا في الآية السابقة، ويغلب من صنيعه أنه لا ينبه على الشيء في أول موضع من مواضعه، ولذلك ينبغي استقراء الآيات التي تتشابه في المعنى حتى يتضح رأيه كاملا.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (123)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{واتقوا يوما} يعني: اخشوا... يوم القيامة [حين]

{لا تجزي نفس} كافرة {عن نفس} كافرة {شيئا} من المنفعة.

{ولا يقبل منها عدل} يعني: فداء،

{ولا تنفعها شفاعة} يعني: شفاعة نبي ولا شهيد ولا صديق،

{ولا هم ينصرون} يعني: يمتنعون من العذاب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وهذه الآية ترهيب من الله جل ثناؤه للذين سلفت عظته إياهم بما وعظهم به في الآية قبلها. يقول الله لهم: واتقوا يا معشر بني إسرائيل المبدّلين كتابي وتنزيلي، المحرّفين تأويله عن وجهه، المكذّبين برسولي محمد صلى الله عليه وسلم، عذابَ يوم لا تقضي فيه نفس عن نفس شيئا، ولا تغني عنها غناءً، أن تهلكوا على ما أنتم عليه من كفركم بي، وتكذيبكم رسولي، فتموتوا عليه فإنه يوم لا يقبل من نفس فيما لزمها فدية، ولا يشفع فيما وجب عليها من حقّ لها شافع، ولا هم ينصرهم ناصر من الله إذا انتقم منها بمعصيتها إياه...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أَمَّا الأعداء فلا يَقْبَلُ منهم شيئًا، وأمَّا الأولياء فقال صلى الله عليه وسلم:"اتقوا النار ولو بِشِقِّ تمرة"، والكفار لا تنفعهم شفاعة الشافعين، فهذا حكم كل أمةٍ مع نبيِّها، وأمَّا المؤمنون -فعلى التخصيص- تنفعهم شفاعة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم. وكلُّ أحدٍ يقول يومئذٍ نفسي نفسي، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم يقول:

"أمتي أمتي"...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

{ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون} إن قيل: أليس قد جعل الشفاعة للأنبياء وغيرهم، حيث قال: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»؟ قيل: أراد بقوله: {ولا تنفعها شفاعة} في قوم مخصوصين، وهم اليهود والكفار...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ومعنى {لا تنفعها شفاعة} أي ليست ثم، وليس المعنى أنه يشفع فيهم أحد فيرد، وإنما نفى أن تكون ثم شفاعة على حد ما هي في الدنيا، وأما الشفاعة التي هي في تعجيل الحساب فليست بنافعة لهؤلاء الكفرة في خاصتهم، وأما الأخيرة التي هي بإذن من الله تعالى في أهل المعاصي من المؤمنين فهي بعد أن أخذ العقاب حقه، وليس لهؤلاء المتوعدين من الكفار منها شيء...

لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 741 هـ :

وقيل: إنه رد على اليهود في قولهم إن آباءنا يشفعون لنا. {ولا هم ينصرون} أي ولا ناصر لهم ينصرهم من الله إذا انتقم منهم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{واتقوا يوماً لا تجزي} أي تقضى، أي يصنع فيه {نفس عن نفس شيئاً} أي من الجزاء.

ولما ختمت الآية الماضية بحصر الخسارة فيهم، ناسب تقديم نفي القبول فقال: {ولا يقبل منها عدل} يبذل في فكاكها من غير الأعمال الصالحة {ولا تنفعها شفاعة} غير مأذون فيها {ولا هم ينصرون} وإن كثرت جموعهم.

قال الحرالي: أجراها تعالى في هذا التكرار على حدها في الأول إلا ما خالف بين الإيرادين في قوله {واتقوا يوماً} إلى آخره ليجمع النبأ في كل واحد من الشفاعة والعدل بين مجموع الردين من الأخذ والقبول فيكون شفاعتها لا مقبولة ولا نافعة، ويكون عدلها لا مأخوذاً ولا مقبولاً، ذلك لأن المعروض للقبول أول ما يؤخذ أخذاً بحسبه من أخذ سمع أو عين، ثم ينظر إليه نظر تحقيق في المسموع وتبصر في المنظور، فإذا صححه التحقيق والتبصير قُبل، وإذا لم يصححه رد، وإنما يكون ذلك لمن في حاله حظ صحة ظاهرة لا يثبت مع الخبرة، فأنبأ تعالى بمضمون الآيتين الفاتحة والخاتمة أن هؤلاء ليس في حالهم حظ صحة البتة لا في شفاعة ولا في عدل فلا يقبل ولا يؤخذ إنباء بغرائه عن لبسه ظاهر صحة يقتضي أخذه بوجه مَّا، ففيه تبرئة ممن حاله حال ما نبئ به عنهم على ما تقدم معناه في مضمون الآية، وبهذه الغاية انصرف الخطاب عنهم على خصوص ما أوتوا من الكتاب الذي كان يوجب لهم أن يتديّنوا بقبول ما جاء مصدقاً لما معهم فاتخذوا لهم بأهوائهم ملة افتعلتها أهواؤهم...

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

ذلك قوله تعالى {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا} فلا ينفعكم يوم القيامة أن تعتذروا عن الإعراض عن فهم كتاب الله بأن بعض سلفكم كانوا يفهمونه ويتدبرونه، وإنكم استغنيتم بتدبرهم وفهمهم عن أن تفهموا وتتدبروا، فإنه يوم لا يغني فيه أحد عن أحد شيئا. ويؤيد الآية حديث الصحيحين "يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا "الخ.

وإذا كان لا يجزي فهم سلفكم عنكم أنكم أعرضتم عن هداية كتابه فلا تنفعكم شفاعتهم أيضا، كما أنه لا يقبل منكم عدل ولا فداء تفتدون به وتجعلونه معادلا لما فرطتم فيه كما قال {ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} وكانوا يعتقدون بالمكفرات تؤخذ عدلا عما فرطوا فيه وبشفاعة أنبيائهم فأخبرهم الله تعالى أنه لا يقوم مقام الاهتداء بكتابه شيء آخر.

ثم قطع حبل رجائهم من كل ناصر ينصرهم فقال {ولا هم ينصرون} أي إنه لا يأتيهم نصر من هاتين الجهتين ولا من غيرهما...

ففي الآية الأولى تقدم ذكر الشفاعة منفية القبول، وتأخر ذكر العدل غير مأخوذ، وفي هذه الآية نفي قبول العدل أولا ثم نفي نفع الشفاعة ثانيا. وكأنه يشير بهذا التفنن إلى أنه لا فرق بين الفداء والشفاعة في الجواز والمنع فمن منع العوض في الآخر لزمه منع الشفاعة فإن جوزها جوزه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وهنا ختم الحِجاج مع أهل الكتاب في هذه السورة وذلك من براعة المقطع...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

هذه الآية الكريمة تشابهت مع الآية 48 من سورة البقرة.. التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون}. نقول إن هذا التشابه ظاهري.. ولكن كل آية تؤدي معنى مستقلا.. ففي الآية 48 قال الحق سبحانه: {ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل}.. وفي الآية التي نحن بصددها قال: {لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة}.. لماذا؟ لأن قوله تعالى {لا تجزي نفس عن نفس شيئا}.. لو أردنا النفس الأولى فالسياق يناسبها في الآية الأولى.. ولو أردنا النفس الثانية فالسياق يناسبها في الآية الثانية التي نحن بصددها.. فكأن معنا نفسين إحداهما جازية والثانية مجزى عنها.. الجازية هي التي تشفع.. فأول شيء يقبل منها هو الشفاعة.. فإن لم تقبل شفاعتها تقول أنا أتحمل العدل.. أي أخذ الفدية أو ما يقابل الذنب.. ولكن النفس المجزي عنها أول ما تقدم هو العدل أو الفداء.. فإذا لم يقبل منها تبحث عن شفيع..

تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :

قوله تعالى: {ولا تنفعها شفاعة}؛ «الشفاعة» هي التوسط للغير بدفع مضرة، أو جلب منفعة؛ سميت بذلك؛ لأن الشافع إذا انضم إلى المشفوع له، صار شِفعاً بعد أن كان وتراً؛ فالشفاعة لأهل النار أن يخرجوا منها: شفاعة لدفع مضرة؛ والشفاعة لأهل الجنة أن يدخلوا الجنة؛ شفاعة في جلب منفعة.

[و] قوله تعالى: {ولا هم ينصرون}: مع أن السياق يرجع إلى مفرد في قوله تعالى: {نفس عن نفس}، وقوله تعالى: {ولا يقبل منها}، وقوله تعالى: {ولا تنفعها}؛ جاء الكلام هنا بصيغة الجمع باعتبار المعنى؛ لأن قوله تعالى: {لا تجزي نفس عن نفس} للعموم؛ والعموم يدل على الجمع، والكثرة؛ ثم إن هنا مناسبة لفظية؛ وهي مراعاة فواصل الآيات؛ ومراعاة الفواصل أمر ورد به القرآن حتى إنه من أجل المراعاة يقدم المفضول على الفاضل، كما في قوله تعالى في سورة طه؛ {قالوا آمنا برب العالمين * رب هارون وموسى} [الشعراء: 47، 48]؛ لأن سورة طه كلها على فاصلة ألف إلا بعض الآيات القليلة؛ فمراعاة الفواصل إذاً من بلاغة القرآن

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

فكل سُبل النجاة التي تتوسلون بها في هذه الدنيا موصدة يوم القيامة، والطريق الوحيد المفتوح أمامكم هو طريق الإيمان والعمل الصالح، وطريق التوبة من الذنوب...