المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ} (24)

24- واحبسوهم في هذا الموقف ، إنهم مسئولون عن عقائدهم وأعمالهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ} (24)

وقوله - سبحانه - { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } زيادة فى توبيخهم وإذلالهم ، والوقف هنا : بمعنى الحبس .

قال القرطبى : يقال : وقفت الدابة أقفها وقفا فوقفت هى وقوفا : أى : احبسوهم ، وهذا يكون قبل السوق إلى الجحيم ، وفيه تقديم وتأخير أى : قفوهم للحساب ثم سوقوهم إلى النار . . أى : واحبسوهم فى موقف الحساب ، لأنهم مسئولون عما كانوا يقترفونه فى الدنيا من عقائد زائفة ، وأفعال منكرة ، وأقوال باطلة .

ولا تعارض بين هذه الآية وأمثالها من الآيات التى صرحت بأن المجرمين يسألون يوم القيامة ، وبين آيات أخرى صرحت بأنهم لا يسألون كما فى قوله - تعالى - : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } أقول لا تعارض بين هذه الآيات ، لأن فى يوم القيامة مواقف متعددة ، فقد يسألون فى موقف ولا يسألون فى آخر . . أو أن السؤال المثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع والسؤال المنفى هو سؤال الاستعلام والاستخبار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ} (24)

وقوله : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } أي : قفوهم حتى يُسألوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا كما قال الضحاك ، عن ابن عباس : يعني احبسوهم إنهم محاسبون . وقال ابن أبي حاتم :{[24933]} حدثنا أبي ، حدثنا النُّفَيلي ، حدثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت ليثا يُحدّث عن بشر ، عن أنس بن مالك [ رضي الله عنه ] {[24934]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما داع دعا إلى شيء كان موقوفًا معه إلى يوم القيامة ، لا يغادره ولا يفارقه ، وإن دعا رجل رجلا " ، ثم قرأ : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } . ورواه الترمذي ، من حديث ليث بن أبي سليم . {[24935]} ورواه ابن جرير ، عن يعقوب بن إبراهيم ، عن معتمر ، عن ليث ، عن رجل ، عن أنس مرفوعا{[24936]} .


[24933]:- في ت: "الترمذي".
[24934]:- زيادة من ت.
[24935]:- سنن الترمذي برقم (3228).
[24936]:- تفسير الطبري (23/32)
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقِفُوهُمْ إِنّهُمْ مّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وَقِفُوهُمْ : احبسوهم : أي احبسوا أيها الملائكة هؤلاء المشركين الذين ظلموا أنفسهم وأزواجهم ، وما كانوا يعبدون من دون الله من الاَلهة إنّهُمْ مَسْئُولُونَ فاختلف أهل التأويل في المعنى الذي يأمر الله تعالى ذكره بوقفهم لمسألتهم عنه ، فقال بعضهم : يسألهم هل يعجبهم ورود النار . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : حدثنا أبو الزعراء ، قال : كنا عند عبد الله ، فذكر قصة ، ثم قال : يتمثل الله للخلق فيلقاهم ، فليس أحد من الخلق كان يعبد مِن دون الله شيئا إلا وهو مرفوع له يتبعه قال : فيلقى اليهود فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد عُزَيرا ، قال : فيقول : هل يسرّكم الماء ؟ فيقولون : نعم ، فيريهم جهنم وهي كهيئة السّراب ، ثم قرأ : وَعَرَضْنا جَهَنّمَ لِلْكافِرِينَ عَرْضا قال : ثم يلقى النصارَى فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : المسيح ، فيقول : هل يسرّكم الماء ؟ فيقولون : نعم ، فيريهم جهنم ، وهي كهيئة السراب ، ثم كذلك لمن كان بعبد من دون الله شيئا ، ثم قرأ عبد الله وَقفُوهُمْ إنّهُمْ مَسْئُولُونَ .

وقال آخرون : بل ذلك للسؤال عن أعمالهم . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا معتمر ، عن ليث ، عن رجل ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «أيّمَا رَجُلٍ دَعا رَجُلاً إلى شَيْءٍ كانَ مَوْقُوفا لازِما بِهِ ، لا يُغادِرُهُ ، وَلا يُفارقُهُ » ثُمّ قَرأ هَذِهِ الاَيَةَ : وَقِفُوهُمْ إنّهُم مَسْئُولُونَ .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وقفوا هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم وأزواجهم إنهم مسئلون عما كانوا يعبدون من دون الله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ} (24)

معنى : { وَقِفُوهُم } أمر بإيقافهم في ابتداء السير بهم لما أفاده الأمر من الفور بقرينة فاء التعقيب التي عطفته ، أي احبسوهم عن السير قَليلاً ليُسألوا سؤال تأييس وتحقير وتغليظ ، فيقال لهم : { ما لكم لا تناصرون } ، أي ما لكم لا ينصر بعضكم بعضاً فيدفع عنه الشقاء الذي هو فيه ، وأين تناصركم الذي كنتم تتناصرون في الدنيا وتتألبون على الرسول وعلى المؤمنين .