فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ} (24)

{ وَقِفُوهُمْ } أي احبسوهم في الموقف ، يقال : وقفت الدابة أقفها وقفا فوقفت هي وقوفا يتعدى ولا يتعدى ، وهذا الحبس لهم يكون قبل السوق إلى جهنم أي وقفوهم للحساب ، ثم سوقوهم إلى النار بعد ذلك ، كأن الملائكة سارعوا إلى ما أمروا به من حشرهم إلى الجحيم فأمروا بذلك .

{ إِنَّهُم مَّسْؤولُونَ } تعليل للجملة الأولى أي ذلك ليس للعفو عنهم ، ولا ليستريحوا بتأخير العذاب في الجملة ، بل ليسألوا لكن لا عن عقائدهم ، و أعمالهم ، كما قيل : فإن ذلك قد وقع قبل الأمر بهم إلى الجحيم ، بل عما ينطق به قوله الآتي : مالكم بطريق التهكم والتوبيخ . قال الكلبي : أي مسؤولون عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم أي جميعها ، وقال الضحاك : عن خطاياهم ، وقيل : عن لا إله إلا الله . وقيل : عن ظلم العباد ، وقال ابن عباس : احبسوهم إنهم محبوسون .

وأخرج البخاري في تاريخه والدارمي والترمذي وابن جرير والحاكم وغيرهم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا معه يوم القيامة لازما به لا يفارقه ، وإن دعا رجل رجلا ، ثم قرأ : وقفوهم إنهم مسؤولون{[1432]} ) .

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه وعن عمله ماذا عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه وفي رواية عن شبابه فيم أبلاه ) ، {[1433]} وأخرجه الترمذي .


[1432]:رواه ابن أبي حاتم وابن جرير والترمذي هن انس بن مالك مرفوعا.
[1433]:صحيح الجامع 7176/ 7177.