التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} (2)

{ وَإِذَا النجوم انكدرت } أى : تناثرت وتساقطت وانقلبت هيئتها من اللمعان والظهور ، إلى الميل نحو الظلام والسواد .

أى : وإذا النجوم تساقطت وانقضت . يقال : انكدر البازى ، إذا نزل على فريسته بسرعة ، وانكدر الأعداء على القوم إذا جاءوا أرسالا متتابعين فانصبوا عليهم .

ويصح أن يكون المعنى : وإذا النجوم تغيرت وانطمس نورها ، وزال لمعانها ، من قولهم : كدرت الماء فانكدر ، إذا خلط به ما يجعله مائلا إلى السواد والغُبْرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} (2)

1

وانكدار النجوم قد يكون معناه انتثارها من هذا النظام الذي يربطها ، وانطفاء شعلتها وإظلام ضوئها . . والله أعلم ما هي النجوم التي يصيبها هذا الحادث . وهل هي طائفة من النجوم القريبة منا . . مجموعتنا الشمسية مثلا . أو مجرتنا هذه التي تبلغ مئات الملايين من النجوم . . أم هي النجوم جميعها والتي لا يعلم عددها ومواضعها إلا الله . فوراء ما نرى منها بمراصدنا مجرات وفضاءات لها لا نعرف لها عددا ولا نهاية . فهناك نجوم سيصيبها الانكدار كما يقرر هذا الخبر الصادق الذي لا يعلم حقيقته إلا الله . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} (2)

وقوله : وَإذَا النّجُومُ انْكَدَرَتْ يقول : وإذا النجوم تناثرت من السماء فتساقطت ، وأصل الانكدار : الانصباب ، كما قال العجاج :

*** أبْصَرَ خِرْبانَ فَضَاءٍ فانْكَدَرْ ***

يعني بقوله : انكدر : انصبّ . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن الربيع بن خيثم وَإذَا النّجُومُ انْكَدَرَتْ قال : تناثرت .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن الربيع بن خيثم ، مثله .

حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَإذَا النّجُومُ انْكَدَرَتْ قال : تناثرت .

حدثني محمد بن موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن أبي صالح ، في قوله وَإذَا النّجُومُ انْكَدَرَتْ قال : انتثرت .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَإذَا النّجُومُ انْكَدَرَتْ قال : تساقطت وتهافتت .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَإذَا النّجُومُ انْكَدَرَتْ قال : رمي بها من السماء إلى الأرض .

وقال آخرون : انكدرت : تغيرت . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس وَإذَا النّجُومُ انْكَدَرَتْ يقول : تغيرت .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} (2)

وإذا النجوم انكدرت انقضت قال أبصر خربان فضاء فانكدر أو أظلمت من كدرت الماء فانكدر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} (2)

و «انكدار النجوم » : هو انقضاضها وهبوطها من مواضعها ، ومنه قول الراجز [ العجاج ] : [ الرجز ]

أبصر خربان فلاة فانكدرْ . . . تقضّي البازي إذا البازي كسرْ{[11642]}

وقال ابن عباس : { انكدرت } : تغيرت ، من قولهم : ماء كدر ، أي متغير اللون .


[11642]:هذان بيتان من الرجز قالهما العجاج بن رؤبة، وهما من قصيدة له يمدح عمرو بن عبيد الله بن معمر، وفي مطلعها يقول: قد جبر الدين الإله فجبر وترتيب الأبيات هنا يختلف عما في الديوان، فهو هناك يقول عن ممدوحه:دانى جناحيه من الطور فمر تقضر البازي إذا البازي كسر أبصر خربان فضاء فانكدر شاكي الكلاليب إذا أهوى اطفر والطور: جبل مختلف في موضعه، لكنه هنا يريد الشام، والخربان: ذكر الحبارى، أو هو الحبارى كلها، والكلاليب: المخالب، واطفر: ظفر ، وأصله اظتفر، فقلبت التاء طاء وأدغمت في الظاء فصارت اطفر. يقول: إن الممدوح مثل البازي الذي اقترب من جبل الطور، ثم انقض من أعلى الجو لأنه رأى أسراب الحبارى على الأرض، وله مخالب كأنها الكلاليب، وهو بانقضاضه هذا لا بد أن يظفر بصيده. والشاهد أن "انكدر" بمعنى: انقض.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} (2)

والانكدار : مطاوع كَدَّره المضاعف على غير قياس ، أي حصل للنجوم انكدار من تكدير الشمس لها حين زال عنها انعكاس نورها ، فلذلك ذكر مطاوع كدر دون ذكر فاعل التكدير .

والكُدرة : ضد الصفاء كتغير لون الماء ونحوه .

وفسر الانكدار بالتساقط والانقضاض ، وأنشدوا قول العجاج يصف بازياً :

أبصَر خِرْبَانَ فَضَاءً فانكدر

ومعنى تساقطها تساقط بعضها على بعض واصطدامها بسبب اختلال نظام الجاذبية الذي جعله الله لإمساكها إلى أمد معلوم .