تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ} (5)

ثم قال :{ فأما من أعطى } المال في حق الله عز وجل { واتقى } آية ونزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق ، رحمة الله عليه ، وذلك أنه مر على أبي سفيان ، وهو صخر بن حرب ، وإذا هو يعذب بلالا على إسلامه ، وقد وضع حجرا على صدره ، فهو يعذبه عذابا شديدا ، فقال له أبو بكر الصديق ، رحمة الله عليه : أتعذب عبدا على معرفة ربه ؟ قال أبو سفيان : أما والله ، إنه لم يفسد هذا العبد الأسود غيركم ، أنت وصاحبك ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال له أبو بكر ، رضي الله عنه : هل لك أن أشتريه منك ؟ قال : نعم .

قال أبو بكر : والله ما أجد لهذا العبد ثمنا ، قال له صخر بن حرب : والله إن جبلا من شعر أحب إلي منه ، فقال له الصديق أبو بكر : والله إنه خير من ملء الأرض ذهبا ، قال له أبو سفيان : اشتره مني ، قال له أبو بكر : قد اشتريت هذا العبد الذي على ديني بعبد مثله على دينك ، فرضى أبو سفيان ، فاشترى أبو بكر بلالا ، رضي الله عنه ، فأعتقه .

قال أبو سفيان لأبي بكر ، رضي الله عنه : أفسدت مالك ومال أبي قحافة ، قال : أرجو بذلك المغفرة من ربي ، قال : متى هذا ؟ قال أبو بكر ، رضي الله عنه : يوم تدخل سقر تعذب ، قال : أليس تعدني هذا بعد الموت ؟ قال : نعم ، قال : فضحك الكافر واستلقى ، وقال : يا عتيق أتعدني البعث بعد الموتى ؟ وتأمرني أن أرفض مالي إلى ذلك اليوم ؟ لقد خسرت واللات والعزى إن مالك قد ضاع ، وإنك لا تصيب مثله أبدا ، قال له أبو بكر ، رضي الله عنه : والله ، لأذكرنك هذا اليوم يا أبا سفيان ، فأنزل الله عز وجل :{ فأما من أعطى واتقى }