تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمۡدَمَ عَلَيۡهِمۡ رَبُّهُم بِذَنۢبِهِمۡ فَسَوَّىٰهَا} (14)

{ فكذبوه } بما جاء به { فعقروها } يعني قتلوا الناقة فحل بهم العذاب ، قال :{ فدمدم عليهم ربهم } .

ثم قال :{ فدمدم عليهم ربهم بذنبهم } يقول : إنما كان بذنبهم ، بذلك أنهم لما عقروا الناقة اتبعد الفصيل حتى صعد على جبل فصاح ثلاث مرات : يا صالح ، قتلت أمي وفزع أهل المدينة كلهم إلى صالح ، فقالوا : ما جئتنا ؟ قال : حيلتكم أن تأخذوا الفصيل ، فعسى الله أن يكف عنكم العذاب في شأن الفصيل ، فلما صعدوا الجبل ليأخذوه فر من بين أيديهم وتوارى فلم ير ، وغاب ، قالوا : يا صالح ، ما يفعل الله بنا ؟ قال : كم من صيحة صالح الفصيل ؟ قالوا : ثلاث مرات ، قال : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك الوعد الذي صالح الفصيل غير مكذوب ، يقول : إنه لا يكذب فيه ، قالوا : وما علامة ذلك يا صالح ؟ قال : إنكم تصفر وجوهكم يوم الثاني ، وتسود وجوهكم يوم الثالث ، قال : ثم يأتيكم العذاب يوم الرابع ، فلما أن كان اليوم الأول اصفرت وجوه القوم ، فلم يصدقوا ، وقالوا : إنما هذه الصفرة من الخوف والفرق ، فلما كان اليوم الثاني احمرت وجوههم واستيقنوا بالعذاب ، ثم إنهم عمدوا فحفروا لأنفسهم قبورا وتحنطوا بالمر والصبر وتكفتوا بالأنطاع ، فلما أن كان اليوم الثالث اسودت وجوههم حتى لم يعرف بعضهم بعضا من شدة السواد ، والتغير ، فلما أن كان اليوم الرابع أصبحوا فدخلوا حفرهم ، فلما أشرقت الشمس ، وارتفع النهار لم يأتهم العذاب ، فظنوا أن الله يرحمهم ، وخرجوا من قبورهم ، ودعوا بعضهم بعضا ، إذ نزل جبريل ، عليه السلام ، فسد ضوء الشمس حتى دخلوا في قبورهم ، فصاح بهم جبريل ، عليه السلام ، فلما عاينوا جبريل ، عليه السلام ، ونظروا إلى ضوء الشمس شدوا حتى دخلوا في قبورهم ، فناموا فصاح بهم جبريل صيحة أن قوموا عليكم لعنة الله ، فسالت أرواحهم من أجسادهم ، زلزلت بيوتهم حتى وقعت على قبورهم إلى يوم القيامة ، فأصبحوا كأن لم يكن بمدينتهم شيء ، فذلك قوله :{ كأن لم يغنوا فيها } [ هود :68 ] وذلك قوله :{ فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها } آية يعني فسوى بيوتهم على قبورهم ،