محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ} (5)

وقوله تعالى :{ فأما من أعطى } تفصيل لتلك المساعي الشتى وتبيين لمآلها كما تقدم قال الرازي وفي { أعطى } وجهان : أحدهما أن يكون المراد إنفاق المال في جميع وجوه الخير من عتق الرقاب وفك الأسارى ، وتقوية المسلمين على عدوهم كما كان يفعله أبو بكر سواء كان ذلك واجبا أو نفلا ، وإطلاق هذا كالإطلاق في قوله{[7487]} { ومما رزقناهم ينفقون } فإن المراد منه كل ما كان إنفاقا في سبيل الله سواء كان واجبا أو نفلا ، وقد مدح الله قوما فقال {[7488]} { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } وقال في آخر هذه السورة {[7489]} { وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى } الآية .

وثانيهما أن قوله { أعطى } يتناول إعطاء حقوق المال وإعطاء حقوق النفس في طاعة الله تعالى يقال فلان أعطى الطاعة وأعطى السعة انتهى .

إلا أن الأول هو المناسب للإعطاء لأن المعروف فيه تعلقه بالمال خصوصا وقد وقع في مقابلة ذكر البخل والمال { واتقى } أي ربه فاجتنب محارمه


[7487]:2/ البقرة /3.
[7488]:76 / الإنسان / 8.
[7489]:92 / الليل / 17 و 18.