مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَٱلۡمُلۡقِيَٰتِ ذِكۡرًا} (5)

بسم الله الرحمن الرحيم

{ والمرسلات عُرْفاً * فالعاصفات عَصْفاً * والناشرات نَشْراً * فالفارقات فَرْقاً * فالملقيات ذِكْراً * عُذْراً أَوْ نُذْراً } أقسم سبحانه وتعالى بطوائف من الملائكة أرسلهن بأوامره فعصفن في مضيهن ، وبطوائف منهم نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهن بالوحي ، أو نشرن الشرائع في الأرض ، أو نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل بما أو حين ففرقن بين الحق والباطل ، فألقين ذكراً إلى الأنبياء عليهم السلام عذراً للمحقين أو نذراً للمبطلين . أو أقسم برياح عذاب أرسلهن فعصفن ، وبرياح رحمة نشرن السحاب في الجو ففرقن بينه كقوله { ويجعله كِسَفًا } [ الروم : 48 ] فألقين ذكراً إما عذراً للذين يعتذرون إلى الله بتوبتهم واستغفارهم إذا رأوا نعمة الله في الغيث ويشكرونها ، واما نذراً للذين لا يشكرون وينسبون ذلك إلى الأنواء ، وجعلن ملقيات للذكر باعتبار السببية . { عُرْفاً } حال أي متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضه بعضاً ، أو مفعول له أي أرسلن للإحسان والمعروف . و { عَصْفاً } و { نَشْراً } مصدران . { أَوْ نُذْراً } أبو عمرو وكوفي غير أبي بكر وحماد . والعذر والنذر مصدران من عذر إذا محا الإساءة ، ومن أنذر إذا خوف على فعل كالكفر والشكر . وانتصابهما على البدل من { ذِكْراً } أو على المفعول له .