فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَٱلۡمُلۡقِيَٰتِ ذِكۡرًا} (5)

{ فالملقيات ذكرا } هي الملائكة قال القرطبي : بإجماع أي تلقي الوحي إلى الأنبياء ، وقيل هو جبريل وسمي باسم الجمع تعظيما له ، وقيل هي الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل الله عليهم ، قاله قطرب ، قال ابن عباس : فالملقيات ذكرا قال بالتنزيل .

قرأ الجمهور ملقيات بسكون اللام وتخفيف القاف اسم فاعل .

وقرأن ابن عباس بفتح اللام وتشديد القاف من التلقية وهي إيصال الكلام إلى المخاطب .

أقسم سبحانه بصفات خمسة موصوفها محذوف فجعله بعضهم الرياح في الكل ، وبعضهم جعله الملائكة في الكل ، وبعضهم غاير فجعله تارة الرياح وتارة الملائكة ، وجعل الجلال المحلي الصفات الثلاث الأول لموصوف واحد وهو الرياح ، وجعل الرابعة لموصوف ثان وهو الآيات وجعل الخامسة لموصوف ثالث وهو الملائكة ، ولم يسلك هذه الطريق غيره من المفسرين .

وعبارة النهر : ولما كان للمقسم به موصوفات قد حذفت وأقيمت صفاتها مقامها وقع الخلاف في تلك الموصوفات ، والذي يظهر أن المقسم به شيئان ، ولذلك جاء العطف بالواو في { والناشرات } والعطف بالواو يشعر بالتغاير ، وأما العطف بالفاء إذا كان في الصفات فيدل على أنها راجعة لموصوف واحد :

وإذا تقرر هذا فالظاهر أنه أقسم أولا بالرياح ويدل عليه عطف الصفة بالفاء ، والقسم الثاني فيه ترق إلى أشرف من المقسم به الأول وهم الملائكة ، ويكون قوله ( فالفارقات ، فالملقيات ) من صفاتهم وإلقاؤهم للذكر وهو ما أنزل الله تعالى صحيح إسناده إليهم .

وما ذكر من اختلاف المفسرين في المراد بهذه الأوصاف ينبغي أن يحمل على التمثيل لا على التعيين ، والراجح أن الأوصاف الثلاثة الأول للرياح ، والرابع والخامس للملائكة ، وهو الذي اختاره الزجاج والقاضي وغيرهما .