مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

{ واليل إِذَا يغشاها } يستر الشمس فتظلم الآفاق . والواو الأولى في نحو هذا للقسم بالاتفاق ، وكذا الثانية عند البعض . وعند الخليل : الثانية للعطف لأن إدخال القسم على القسم قبل تمام الأول لا يجوز ، ألا ترى أنك لو جعلت موضعها كلمة الفاء أو «ثم » لكان المعنى على حاله ؟ وهما حرفاً عطف فكذا الواو . ومن قال : إنها للقسم احتج بأنها لو كانت للعطف لكان عطفاً على عاملين ، لأن قوله { واليل } مثلاً مجرور بواو القسم و { إِذَا يغشى } منصوب بالفعل المقدر الذي هو أقسم فلو جعلت الواو في { والنهار إِذَا تجلى } للعطف لكان النهار معطوفاً على الليل جراً ، و { إِذَا تجلى } معطوفاً على { إِذَا يغشى } نصباً فصار كقولك : إن في الدار زيداً أو في الحجرة عمراً . وأجيب بأن واو القسم تنزل منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها العاملة نصباً وجراً ، وصارت كعامل واحد له عملان ، وكل عامل له عملان يجوز أن يعطف على معموليه بعاطف واحد بالاتفاق نحو : ضرب زيد عمراً وبكر خالداً ، فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما ، فكذا هنا .