نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

ولما ذكر معدن الضياء ، ذكر محل الظلام فقال : { والليل } أي الذي هو ضد النهار فهو محل السكون والانقباض والكمون { إذا يغشاها * } أي يغطي الشمس فيذهب ضوءها حين تغيب فتمتد ظلال الأرض على وجهها المماس لنا ، فيأخذ الأفق الشرقي في الإظلام ، ويمتد ذلك الظلام بحسب طول الليل وقصره كما يغطي البدن نور العقل بواسطة طبعه بخبثه ورداءة عنصره ، وذلك كله بمقادير معلومة ، وموازين قسط محتومة ، ليس فيها اختلال ، ولا يعتريها انحلال ، حتى يريد ذو الجلال ، ولم يعبر بالماضي كما في النهار لأن الليل لا يذهب الضياء بمرة بل شيئاً فشيئاً ، ولا ينفك عن نور بخلاف النهار ، فإنه إذا أبدى الشمس ولم يكن غيم ولا كدر جلى الشمس في آن واحد ، فلم يبق معه ظلام بوجه .