فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

{ والليل إذا يغشاها } أي يغشى الشمس فيذهب بضوئها فتغيب وتظلم الآفاق وقيل يغشى الآفاق وقيل الأرض ، وإن لم يجر لهما ذكر لأن ذلك معروف ، والأول أولى .

قال الخطيب : وجيء به مضارعا دون ما قبله وما بعده مراعاة للفواصل إذ لو أتى به ماضيا لكان التركيب : إذا غشيها فتفوت المناسبة اللفظية بين الفواصل والمقاطع انتهى .

والمعنى يغطيها بظلمته أي فيزيل ضوؤها فالنهار يجليها ويظهرها والليل يغطيها ويزيل ضوؤها فالضمير في الفواصل من أول السورة إلى هنا للشمس .

وهذه الأقسام الأربعة إلا للشمس في الحقيقة لكن بحسب أربعة أوصاف أولها الضوء الحاصل منها عند ارتفاع النهار ، وذلك هو الوقت الذي يكمل فيه انتشار الحيوان وتحرك الإنسان للمعاش ، ومنها تلو القمر للشمس بأخذه الضوء عنها ، ومنها تكامل طلوعها وبروزها بمجيء النهار ، ومنها وجود خلاف ذلك بمجيء الليل ، ومن تأمل قليلا في عظمة الشمس انتقل منها إلى عظمة خالقها فسبحانه ما أعظم شأنه .