محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (50)

{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } وهي الجنة { وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } أي والذين سعوا في رد آياتنا ، وصد الناس عنها مشاقين . فالمعاجزة مستعارة للمشاقة مع المؤمنين ومعارضتهم . فكلما طلبوا إظهار الحق طلب هؤلاء إبطاله . كما يقال ( جاراه في كذا ) . قال تعالى {[5553]} : { أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا } وقرئ { معجزين } بتشديد الجيم . بمعنى أنهم عجزوا الناس وثبطوهم عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بالقرآن . وكلتا القراءتين متقاربة المعنى . وذلك أن من عجز عن آيات الله ، فقد عاجز الله . ومن معاجزة الله التعجيز عن آيات الله ، والعمل بمعاصيه ، وخلاف أمره . وكان من صفة القوم الذين نزلت فيهم الآيات أنهم كانوا يبطئون الناس عن الإيمان بالله واتباع رسوله . ويغالبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يحسبون أنهم يعجزونه ويغلبونه . وقد ضمن الله لهم نصره عليهم . فكان ذلك معاجزتهم الله . كذا في الشهاب وابن جرير .


[5553]:(29 العنكبوت 4).