نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (50)

ثم تسبب عن كونه مبيناً العلم بأن وصف البشارة مراد وإن طوي ، فدل عليه سبحانه بقوله تفضيلاً لأهل البشارة والنذارة : { فالذين آمنوا } أي أقروا بالإيمان { وعملوا } أي تصديقاً لدعواهم ذلك { الصالحات لهم مغفرة } لما فرط منهم من التقصير لأنه لن يقد أحد أن يقدر الله حق قدره .

ولما كان هذا أول الإذن في القتال ، الموجب لمنابذة الكفار ، ومهاجرة الأهل والأموال والديار ، وكان ذلك - مع كونه في غاية الشدة - موجباً للفقر عادة ، قال محققاً له ومنبهاً على أنه سبب الرزق : { ورزق } أي في الدنيا بالغنائم وغيرها ، والآخرة بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر { كريم* } لا خسة فيه ولا دناءة بانقطاع ولا غيره أصلاً ما داموا على الاتصاف بذلك ، هذا فعل ربهم بهم عكس ما وصف به مدعو الكفار من أن ضره أقرب من نفعه .