محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞وَلَوۡ رَحِمۡنَٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرّٖ لَّلَجُّواْ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (75)

وقوله تعالى :

{ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } قال ابن جرير [ انظر الصفحة رقم 44 من الجزء الثامن عشر ( طبعة الحلبي الثانية ) ] . أي ولو رحمنا هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة ، ورفعنا عنهم ما بهم من القحط والجدب ، وضر الجوع والهزال { لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ } يعني في عتوهم وجرأتهم على ربهم { يَعْمَهُونَ } يعني يترددون . وأشار ابن كثير [ انظر الصفحة رقم 251 من الجزء الثالث ] إلى معنى آخر فقال : يخبر تعالى عن غلظهم في كفرهم ، بأنه لو أزاح عنهم الضر ، وأفهمهم القرآن ، لما انقادوا له ، ولاستمروا على كفرهم وعنادهم وطغيانهم . كما قال تعالى [ الأنفال 23 ] { ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ، ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون } وقال [ الأنعام 27 و28 ] { ولو ترى إذ وُقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } الآية . فهذا من باب علمه تعالى بما لا يكون ، لو كان كيف يكون . انتهى .