محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَوُفِّيَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (70)

{ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا } أي أفواجا متفرقة بعضها في أثر بعض ، على تفاوت ضلالهم وغيّهم ، رعاية للعدل في التقديم والتأخير { حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } أي ليدخلوها ، ولكل فريق باب { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } أي الموكلون بتعذيبهم { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } أي من جنسكم تعرفون صدقهم وأمانتهم { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا } أي وقتكم أو يوم القيامة ، حرصا على صلاحكم وهدايتكم { قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ } أي وجبت { كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } أي حكمه عليهم بالشقاوة ، وأنهم من أهل النار { قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ }{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ } أي مساق إعزاز وتشريف ، للإسراع بهم إلى دار الكرامة { زمرا } أي متفاوتين حسب تفاوت مراتبهم في الفضل { حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ } أي من دنس المعاصي ، وطهرتم من خبث الخطايا { فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } قال السمين : في جواب { إذا } ثلاثة أوجه : أحدها : قوله { وفتحت } والواو زائدة . وهو رأي الكوفيين والأخفش . وإنما جيء هنا بالواو دون التي قبلها ، لأن أبواب السجون مغلقة إلى أن يجيئها صاحب الجريمة فتفتح له ، ثم تغلق عليه . فناسب ذلك عدم الواو فيها . بخلاف أبواب السرور والفرح ، فإنها تفتح انتظارا لمن يدخلها . والثاني - أن الجواب قوله : { وقال لهم خزنتها } على زيادة الواو أيضا . الثالث - أن الجواب محذوف . قال الزمخشري : وحقه أن يقدر بعد خالدين : أي لأنه يجيء بعد متعلقات الشرط ما عطف عليه . والتقدير : اطمأنوا . وقدره المبرد : سعدوا . وعلى هذين الوجهين ، فتكون الجملة من قوله { وفتحت أبوابها } في محل نصب على الحال ، الواو واو الحال . أي جاؤوها مفتحة أبوابها . كما صرح بمفتحة حالا من { جنات عدن مفتحة لهم الأبواب } وهو قول المبرد والفارسي وجماعة . وزعم بعضهم أن هذه الواو تسمى واو الثمانية . لأن أبواب الجنة ثمانية . ورده في ( المغنيّ ) بأنه لو كان لواو الثمانية حقيقة ، لم تكن الآية منها . إذ ليس فيها ذكر عدد البتة ، وإنما فيها ذكر الأبواب . وهي جمع لا يدل على عدد خاص . ثم الواو ليست داخلة عليه ، بل على جملة هو فيها . انتهى .

أي وهي - على قول مثبتها - الداخلة على لفظ الثمانية على سرد العدد . ذهابا إلى أن بعض / العرب إذا عدّوا قالوا : ستة سبعة وثمانية . إيذانا بأن السبعة عدد تامّ ، وأن ما بعده عدد مستأنف ، فأشبهت واو الاستئناف .