بعد ذلك انتقل الحديثُ في السورة إلى ما كان الكفار يقابلون به المؤمنين في الحياة الدنيا وكيف كانوا يستهزئون منهم ويَسْخَرون ، وأن هذا ما سيقابلُ به المؤمنون الكفار يوم القيامة ويضحكون منهم .
فقد روي أن صناديد قريشٍ مثلَ أبي جهلٍ ، والوليدِ بن المغيرة ، والعاصي بن وائل السُّهمي ، وشَيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأميةَ بن خلف ، وغيرهم كانوا يؤذون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويستهزئون بهم ويحرّضون عليهم سفَهاءَهم وغلمانهم . وفي ذلك كله يقول تعالى :
{ إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ . . . . } .
إن المجرِمين الجاحدين ، كانوا في الحياة الدنيا يضحكون من المؤمنين .
{ إن الذين أجرموا } : أي على أنفسهم بالشرك والمعاصي كأبي جهل وأميّة بن خلف وعتبة بن أبي معيط .
{ من الذين آمنوا } : أي كبلال وياسر وعمار وصهيب وخبيب .
بعدما بيّن تعالى حال الأبرار في دار الأبرار وذكر ما شاء الله أن يذكر من نعيمهم ترغيبا وتعليماً بعد أن ذكر في الآيات قبلها حال المجرمين وما أعد لهم من عذاب في دار العذاب . ذكر تعالى هنا في خاتمة السورة ما أوجب للمجرمين وهو النار ، وما أوجب للمؤمنين وهو الجنة فذكر طرفا من سلوك المجرمين وآخر من سلوك المؤمنين فقال عز من قائل { إن الذين أجرموا } أي على أنفسهم أي أفسدوها بالشرك والشر والفساد كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاصي وغيرهم كانوا من الذين آمنوا كبلال وعمار وصهيب وخبيب وأضرابهم من فقراء المؤمنين { يضحكون } استهزاء بهم وسخرية .
ولما ذكر سبحانه جزاء الكافر{[72269]} بالجحيم وجزاء المؤمن{[72270]} بالنعيم ، وكان من أجل النعيم الشماتة بالعدو ، علل جزاء الكافر بما فيه شماتة المؤمن به لأنه اشتغل في الدنيا بما لا يغني ، فلزم من ذلك تفويته لما يغني{[72271]} ، فقال مؤكداً لأن ذا{[72272]} المروءات والهمم العاليات والطبع السليم والمزاج القويم لا يكاد يصدق مثل هذا ، وأكده إشارة إلى أن من حقه أن لا يكون : { إن الذين أجرموا } أي قطعوا ما أمر الله به أن يوصل { كانوا } أي في الدنيا ديدناً وخلقاً {[72273]}وطبعاً وجبلة{[72274]} { من الذين آمنوا } أي ولو كانوا في أدنى درجات الإيمان { يضحكون * } أي يجددون الضحك كلما رأوهم أو ذكروهم استهزاء بهم {[72275]}وبحالاتهم التي هم عليها من علامات الإيمان{[72276]} في رثاثة أحوالهم وقلة أموالهم و-{[72277]} احتقار الناس لهم مع ادعائهم أن الله تعالى لا بد أن ينصرهم ويعلي أمرهم{[72278]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.