بعد ذلك انتقل الحديثُ في السورة إلى ما كان الكفار يقابلون به المؤمنين في الحياة الدنيا وكيف كانوا يستهزئون منهم ويَسْخَرون ، وأن هذا ما سيقابلُ به المؤمنون الكفار يوم القيامة ويضحكون منهم .
فقد روي أن صناديد قريشٍ مثلَ أبي جهلٍ ، والوليدِ بن المغيرة ، والعاصي بن وائل السُّهمي ، وشَيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأميةَ بن خلف ، وغيرهم كانوا يؤذون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويستهزئون بهم ويحرّضون عليهم سفَهاءَهم وغلمانهم . وفي ذلك كله يقول تعالى :
{ إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ . . . . } .
إن المجرِمين الجاحدين ، كانوا في الحياة الدنيا يضحكون من المؤمنين .
{ 29 - 36 } { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }
لما ذكر تعالى جزاء المجرمين وجزاء المؤمنين{[1386]} و [ ذكر ] ما بينهما من التفاوت العظيم ، أخبر أن المجرمين كانوا في الدنيا يسخرون بالمؤمنين ، ويستهزئون بهم ، ويضحكون منهم ،
قوله تعالى : " إن الذين أجرموا " وصف أرواح الكفار في الدنيا مع المؤمنين باستهزائهم بهم والمراد رؤساء قريش من أهل الشرك . روى ناس عن ابن عباس قال : هو الوليد بن المغيرة ، وعقبة بن أبي معيط ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد يغوث ، والعاص بن هشام ، وأبو جهل ، والنضر بن الحارث . وأولئك " كانوا من الذين آمنوا " من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مثل عمار ، وخباب وصهيب وبلال " يضحكون " على وجه السخرية .
{ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ( 29 ) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ( 30 ) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ ( 31 ) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ ( 32 ) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ( 33 ) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ( 34 ) }
قوله تعالى : { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون 29 وإذا مرّوا بهم يتغامزون 30 وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين 31 وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون 32 وما أرسلوا عليهم حافظين 33 فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون 34 على الأرائك ينظرون 35 هل ثوّب الكفار ما كانوا يفعلون } .
يبين الله في ذلك ظلم المجرمين وسوء فعالهم وعدوانهم على المسلمين في الدنيا بالتهكم عليهم والاستسخار منهم والاستهزاء بهم . وهم في الآخرة منقلبون إلى النار والخسار وسوء القرار . فقال سبحانه : { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون } الذين أجرموا يعني الذين اكتسبوا الآثام والمعاصي وكفروا بالله ، فهؤلاء الكفرة العصاة { كانوا من الذين آمنو يضحكون } كانوا بكفرهم وعتوهم وظلمهم يسخرون من المؤمنين ويستهزءون بهم ويضحكون منهم تهكما واستكبارا ، وذلك بسبب إيمانهم واستمساكهم بدين الله . دين التوحيد الخالص لله .
وقد روي عن ابن عباس أن نفرا من صناديد المشركين كالوليد بن المغيرة وعقبة ابن أبي معيط وأبي جهل والنضر بن الحارث ، كانوا إذا مروا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عمار وخباب وصهيب وبلال { يضحكون } على وجه السخرية . والصواب أنها عامة في سائر المجرمين في كل زمان ، أولئك الذين يسخرون من المسلمين بسبب إيمانهم واستمساكهم بدينهم وعقيدتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.