ولما كان المجادل بغير واحد من هذه الثلاثة تابعاً هواه{[54065]} مقلداً مثله قطعاً ، وكان حال المجادلين هذا لظهور أدلة الوحدانية عجباً ، عجب منهم تعجيباً{[54066]} آخر بإقامتهم على الضلال مع إيضاح الادلة فقال : { وإذا قيل } أي من أيّ قائل كان . ولما كان ضلال الجمع أعجب من ضلال الواحد ، وكان التعجيب من جدال الواحد{[54067]} تعجيباً من جدال الاثنين فأكثر{[54068]} من باب الأولى ، أفرد أولاً{[54069]} وجمع هنا فقال : { لهم } أي للمجادلين هذا الجدال : { اتبعوا ما } {[54070]}أي ابذلوا جهدكم في تبع الذي ، وأظهر لزيادة التشنيع أيضاً فقال{[54071]} : { أنزل الله } الذي خلقكم وخلق آباءكم الأولين ، وهو الذي لا عظيم إلا هو { قالوا } جموداً : لا نفعل{[54072]} { بل نتبع } وإن جاهدنا{[54073]} بالأنفس والأموال { ما وجدنا عليه آباءنا } لأنهم أثبت منا عقولاً ، وأقوم قيلاً ، وأهدى سبيلاً .
ولما كانوا لا يسلكون طريقاً حسياً{[54074]} بغير دليل ، كان التقدير : أتتبعونهم لو كان الهوى يدعوهم فيما وجدتموهم عليه{[54075]} إلى ما يظن فيه الهلاك ، لكونه بغير دليل ، فعطف عليه قوله{[54076]} : { أو لو كان الشيطان } أي البعيد من الرحمة المحترق باللعنة ، وهو أعدى اعدائهم ، دليلهم فهو { يدعوهم } {[54077]}إلى الضلال فيوقعهم فيما يسخط الرحمن فيؤديهم ذلك { إلى عذاب السعير* } وعبر بالمضارع تصويراً لحالهم في ضلالهم وأنه مستمر ، وأطلق العذاب على سببه .
قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا } إذا قيل لهؤلاء المخاصمين المعاندين : اتبعوا الحق الذي أنزله الله على رسوله وهو كتابه الحكيم والنور الكاشف المبين ؛ ليكون بشيرا ونذيرا للعالمين ، وهاديا للبشرية إلى سواء السبيل ، قالوا في جهالة وعمه وتقليد فاسد مستهجَن { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا } أبوا إلا التقليد الأعمى باتباع الآباء في عبادتهم السخيفة ؛ إذ كانوا يعبدون أصناما جوفاء صمّا لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل .
قوله : { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } يعني أيتبعون آباءهم في عبادتهم ولو كان الشيطان يدعو آباءهم إلى الضلال والشرك وما يفضي بهم إلى النار المستعرة الحامية . والاستفهام للتوبيخ والتبكيت . فما ينبغي لذي عقل أن يقلد السابقين الغابرين ؛ لكونهم آباء وأجدادا إن كانوا أولي ضلال وكفر . وإنما يقلد النبيه الحريص أهلَ الهدى والتقى من المؤمنين الذين استقاموا على منهج الله ، منهج الإسلام{[3657]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.