قوله تعالى : " فنظر نظرة في النجوم " قال ابن زيد عن أبيه : أرسل إليه ملكهم إن غدا عيدنا فاخرج معنا ، فنظر إلى نجم طالع فقال : إن هذا يطلع مع سقمي . وكان علم النجوم مستعملا عندهم منظورا فيه ، فأوهمهم هو من تلك الجهة ، وأراهم من معتقدهم عذرا لنفسه ؛ وذلك أنهم كانوا أهل رعاية وفلاحة ، وهاتان المعيشتان يحتاج فيهما إلى نظر في النجوم . وقال ابن عباس : كان علم النجوم من النبوة ، فلما حبس الله تعالى الشمس على يوشع بن نون أبطل ذلك ، فكان نظر إبراهيم فيها علما نبويا . وحكى جويبر عن الضحاك . كان علم النجوم باقيا إلى زمن عيسى عليه السلام ، حتى دخلوا عليه في موضع لا يطلع عليه منه ، فقالت لهم مريم : من أين علمتم بموضعه ؟ قالوا : من النجوم . فدعا ربه عند ذلك فقال : اللهم لا تفهمهم في علمها ، فلا يعلم علم النجوم أحد ، فصار حكمها في الشرع محظورا ، وعلمها في الناس مجهولا . قال الكلبي : وكانوا في قرية بين البصرة والكوفة يقال لهم هرمز جرد{[13268]} ، وكانوا ينظرون في النجوم . فهذا قول . وقال الحسن : المعنى أنهم لما كلفوه الخروج معهم تفكر فيما يعمل . فالمعنى على هذا أنه نظر فيما نجم له من الرأي ؛ أي فيما طلع له منه ، فعلم أن كل حي يسقم فقال . " إني سقيم " . الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره : نظر في النجوم . وقيل : كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تغشاه فيها الحمى . وقيل : المعنى فنظر فيما نجم من الأشياء فعلم أن لها خالقا . ومدبرا ، وأنه يتغير كتغيرها .
{ فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم } روي : أن قومه كان لهم عيد يخرجون إليه فدعوه إلى الخروج معهم ، فحينئذ قال : { إني سقيم } ليمتنع عن الخروج معهم ، فيكسر أصنامهم إذا خرجوا لعيدهم وفي تأويل ذلك ثلاثة أقوال :
الأول : أنها كانت تأخذه الحمى في وقت معلوم ، فنظر في النجوم ليرى وقت الحمى ، واعتذر عن الخروج لأنه سقيم من الحمى .
الثاني : أن قومه كانوا منجمين وكان هو يعلم أحكام النجوم فأوهمهم أنه استدل بالنظر في علم النجوم أنه يسقم ، فاعتذر بما يخاف من السقم عن الخروج معهم .
الثالث : أن معنى نظر في النجوم أنه نظر وفكر فيما يكون من أمره معهم فقال : { إني سقيم } والنجوم على هذا ما ينجم من حاله معهم ، وليست بنجوم السماء ، وهذا بعيد وقوله : { إني سقيم } على حسب هذه الأقوال يحتمل أن يكون حقا لا كذب فيه ولا تجوز أصلا ، ويعارض هذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن إبراهيم كذب ثلاث كذبات ، أحدها : قوله : { إني سقيم } ، ويحتمل أن يكون كذبا صراحا ، وجاز له ذلك لهذا الاحتمال لأنه فعل ذلك من أجل الله إذ قصد كسر الأصنام " ، ويحتمل أن يكون من المعاريض فإن أراد أنه سقيم فيما يستقبل لأن كل إنسان لا بد له أن يمرض ، أو أراد أنه سقيم النفس من كفرهم وتكذيبهم له وهذان التأويلان أولى ، لأن نفي الكذب بالجملة معارض للحديث ، والكذب الصراح لا يجوز على الأنبياء ، عند أهل التحقيق ، أما المعاريض فهي جائزة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.