قوله تعالى : " مهطعين " أي مسرعين ، قاله الحسن وقتادة وسعيد بن جبير ، مأخوذ من أهطع يهطع إذا أسرع ومنه قوله تعالى : " مهطعين إلى الداع{[9552]} " [ القمر : 8 ] أي مسرعين . قال الشاعر :
بدجلةَ دارُهم ولقد أراهُم *** بدجلةَ مهطعينَ إلى السَّمَاعِ
وقيل : المهطع الذي ينظر في ذل وخشوع ، أي ناظرين من غير أن يطرفوا ، قاله ابن عباس ، وقال مجاهد والضحاك : " مهطعين " أي مديمي النظر . وقال النحاس : والمعروف في اللغة أن يقال : أهطع إذا أسرع ، قال أبو عبيد : وقد يكون الوجهان جميعا يعني الإسراع مع إدامة النظر . وقال ابن زيد : المهطع الذي لا يرفع رأسه . " مقنعي رؤوسهم " أي رافعي رؤوسهم ينظرون في ذل . وإقناع الرأس رفعه ، قاله ابن عباس ومجاهد . قال ابن عرفة والقتبي وغيرهما : المقنع الذي يرفع رأسه ويقبل ببصره على ما بين يديه ، ومنه الإقناع في الصلاة{[9553]} وأقنع صوته إذا رفعه . وقال الحسن : وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد . وقيل : ناكسي رؤوسهم ، قال المهدوي : ويقال : أقنع إذا رفع رأسه ، وأقنع إذا رأسه ذلة وخضوعا ، والآية محتملة الوجهين ، وقاله المبرد ، والقول الأول أعرف في اللغة ، قال الراجز :
أَنْغَضَ{[9554]} نحوي رأسه وأَقْنَعَا *** كأنما أبصرَ شيئًا أطْمَعَا
يُبَاكِرْنَ العِضَاهَ{[9555]} بِمُقْنِعَاتٍ *** نواجذُهن كالحَدَإِ الوَقِيعِ
يعني : برؤوس مرفوعات إليها لتتناولهن . ومنه قيل : مقنعة لارتفاعها{[9556]} . ومنه قنع الرجل إذا رضي ، أي : رفع رأسه عن السؤال . وقنع إذا سأل أي أتى ما يتقنع منه ، عن النحاس . وفم مُقْنَعٌ أي معطوفة أسنانه إلى داخل . ورجل مقنع بالتشديد ، أي عليه بيضة قاله الجوهري . " لا يرتد إليهم طرفهم " أي لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر فهي شاخصة النظر . يقال : طرف الرجل يطرف طرفا إذا أطبق جفنه على الآخر ، فسمي النظر طرفا لأنه به يكون . والطرف العين . قال عنترة :
وأغُضُّ طَرْفِي ما بَدَتْ لي جَارَتِي*** حتى يواريَ جارتي مأواها
وأقْصِرُ طرفي دون جُمْلٍ كرامةً *** لجُمْلٍ وللطرفِ الذي أنا قَاصِرُهْ
قوله تعالى : " وأفئدتهم هواء " أي لا تغني شيئا من شدة الخوف . ابن عباس : خالية من كل خير . السدي : خرجت قلوبهم من صدورهم فنشبت في حلوقهم ، وقال مجاهد ومرة وابن زيد : خاوية خربة متخرقة{[9557]} ليس فيها خير ولا عقل ، كقولك في البيت الذي ليس فيه شيء : إنما هو هواء ، وقال ابن عباس : والهواء في اللغة المجوف الخالي ، ومنه قول حسان :
ألا أَبْلِغْ أبا سفيانَ عَنِّي *** فأنتَ مُجَوَّفٌ{[9558]} نَخِبٌ هَوَاءُ
كأنَّ الرجلَ منها فوق صعلٍ{[9559]} *** من الظلمان جؤجؤه هواء
فارغ أي خال ، وفي التنزيل : " وأصبح فؤاد أم موسى فارغا{[9560]} " [ القصص : 10 ] أي من كل شيء إلا من هم موسى . وقيل : في الكلام إضمار ، أي ذات هواء وخلاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.