الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَثُلَّةٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (40)

قوله تعالى : " ثلة من الأولين . وثلة من الآخرين " رجع الكلام إلى قوله تعالى : " وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين " أي هم " ثلة من الأولين . وثلة من الآخرين " وقد مضى الكلام في معناه . وقال أبو العالية ومجاهد وعطاء بن أبي رباح والضحاك : " ثلة من الأولين " يعني من سابقي هذه الأمة " وثلة من الآخرين " من هذه الأمة من آخرها ، يدل عليه ما روي عن ابن عباس في هذه الآية " ثلة من الأولين . وثلة من الآخرين " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هم جميعا من أمتي ) . وقال الواحدي : أصحاب الجنة نصفان من الأمم الماضية ونصف من هذه الأمة . وهذا يرده ما رواه ابن ماجه في سننه والترمذي في جامعه عن بريدة بن خصيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم ) . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن . و " ثلة " رفع على الابتداء ، أو على حذف خبر حرف الصفة ، ومجازه : لأصحاب اليمين ثلتان : ثلة من هؤلاء وثلة من هؤلاء . والأولون الأمم الماضية ، والآخرون هذه الأمة على القول الثاني .