اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَثُلَّةٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (40)

قوله : { ثلة من الأولين ، وثلة من الآخرين } .

رجع الكلام إلى قوله تعالى : { وَأَصْحَابُ اليمين مَا أَصْحَابُ اليمين } أي هم ثلة من الأولين ، وثلة من الآخرين ، وقد مضى الكلام في معناه .

وقال أبو العالية ، ومجاهد ، وعطاء بن أبي رباح والضحاك : { ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين } يعني : من سابقي هذه الأمة ، { وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين } من هذه الأمة من آخرها{[54899]} .

بدليل ما «روي عن ابن عباس في هذه الآية : { ثلة من الأولين ، وثلة من الآخرين } ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «جَمِيعاً مِنْ أمَّتِي » {[54900]} .

وقال الواحدي : «أصحاب الجنة نصفان : نصف من الأمم الماضية ، ونصف من هذه الأمة » . ويرد هذا ما روى ابن ماجه في «سننه » والترمذي في «جامعه » عن بريدة بن الحصيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أهْلُ الجنَّةِ عِشْرُونَ ومائة صنف ، ثمانُون منْهَا من هذهِ الأمَّةِ ، وأربعُونَ من سَائِرِ الأمَمِ »{[54901]} .

قال الترمذي : هذا حديث حسن .

و«ثُلَّةٌ » رفع على الابتداء ، أو على حذف خبر حرف الصفة ، ومجازه : لأصحاب اليمين ثلَّتان : ثلّة من هؤلاء ، وثلّة من هؤلاء .

فالأوَّلُون : الأمم الماضية ، والآخرون : هذه الأمة على قول الواحدي .


[54899]:ينظر تفسير القرطبي (17/137).
[54900]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/646) وابن عدي في "الكامل" (1/371) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/227) وزاد نسيته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس بسند ضعيف.
[54901]:أخرجه الترمذي (2546) وابن ماجه (4289) وأحمد (5/347) والدارمي (2/337) والحاكم (1/82) وابن المبارك في الزهد (584) من حديث بريدة بن الحصيب. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.