الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَثُلَّةٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (40)

وأخرج عبد بن حميد عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله : { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } قال : كثير من الأولين وكثير من الآخرين .

وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } قال : هما جميعاً من هذه الأمة .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن عدي وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هما جميعاً من أمتي » .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } قال : الثلتان جميعاً من هذه الأمة .

وأخرج الحسن بن سفيان وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني لأرجو أن يكون من اتبعني من أمتي ربع أهل الجنة » فكبرنا ، ثم قال : «إني لأرجو أن يكون من أمتي الشطر ثم قرأ { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } » .

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : تحدثنا ذات ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ألرنا الحديث ، فلما أصبحنا غدونا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «عرضت علي الأنبياء باتباعها من أممها فإذا النبي معه الثلة من أمته ، وإذا النبي ليس معه أحد ، وقد أنبأكم الله عن قوم لوط ، فقال : أليس منكم رشيد ، حتى مر موسى عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل ، قلت : يا رب . فأين أمتي ؟ قال : انظر عن يمينك ، فإذا الظراب ظراب مكة قد سد من وجوه الرجال ، قال : أرضيت يا محمد ؟ قلت : رضيت يا رب ، قال : أنظر عن يسارك فإذا الأفق قد سد من وجوه الرجال قال : أرضيت يا محمد ؟ قلت : رضيت يا رب ، قال : فإن مع هؤلاء سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ، فأتى عكاشة بن محصن الأسدي رضي الله عنه فقال يا رسول الله : ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : اللهم اجعله منهم ، ثم قام رجل آخر فقال يا رسول الله : ادع الله أن يجعلني منهم فقال : سبقك بها عكاشة ، ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : إن استطعتم بأبي أنتم وأمي أن تكونوا من السبعين فكونوا ، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أصحاب الظراب ، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أصحاب الأفق ، فإني قد رأيت أناساً يتهارشون كثيراً ، ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ، فكبر القوم ثم تلا هذه الآية { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } فتذاكروا من هؤلاء السبعون ألفاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون » .