في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ يُرِيدُ كُلُّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ أَن يُؤۡتَىٰ صُحُفٗا مُّنَشَّرَةٗ} (52)

تلك هيئتهم الخارجية . ( حمر مستنفرة ، فرت من قسورة )ثم لا يدعهم حتى يرسم نفوسهم من الداخل ، وما يعتلج فيها من المشاعر :

( بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ) . .

فهو الحسد للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] أن يختاره الله ويوحي إليه ؛ والرغبة الملحة أن ينال كل منهم هذه المنزلة ، وأن يؤتى صحفا تنشر على الناس وتعلن . . ولا بد أن الإشارة هنا كانت بصدد الكبراء الذين شق عليهم أن يتخطاهم الوحي إلى محمد بن عبد الله ، فقالوا : ( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ? ) . . ولقد علم الله أين يضع رسالته واختار لها ذلك الإنسان الكريم الكبير العظيم . فكان الحنق الذي يغلي في الصدور ، والذي يكشف عنه القرآن ، وهو يعلل ذلك الشماس والنفار !

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{بَلۡ يُرِيدُ كُلُّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ أَن يُؤۡتَىٰ صُحُفٗا مُّنَشَّرَةٗ} (52)

وقوله تعالى : { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امرئ مّنْهُمْ أَن يَأْتِى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } عطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل لا يكتفون بتلك التذكرة ولا يرضون بها بل يريد كل واحد منهم أن يؤتى قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها وجوز أن يراد كتباً كتبت في السماء ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها غضة رطبة لم تطو بعد وفيه بعد وذلك على الوجهين أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن سرك أن نتابعك فأت كل واحد منا بكتب من السماء عنوانها من رب العالمين إلى فلان بن فلان نؤمر فيها باتباعك فنزلت ونحوه قوله تعالى : { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تُنَزّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤهُ } [ الإسراء : 93 ] وقال : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا في قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } [ الأنعام : 7 ] الآية وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي عن أبي صالح قال : قالوا إن كان محمد صادقاً فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءة وأمنة من النار وقبل كانوا يقولون بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح مكتوباً على رأسه ذنبه وكفارته فأتنا بمثل ذلك وهذا من الصحف المنشرة بمعزل إلا أن يراد بالصحف المنشرة الكتابات الظاهرة المكشوفة ونحوه ما روي عن أبي صالح فمآلهما إلى واحد لاشتراكهما في أن المنشر لم يبق على أصله وأن لكل صحيفة مخصوصة به إما لخلاصه من الذنب وإما لوجه خلاصة فالمعول عليه ما تقدم وهو مروى عن الحسن وقتادة وابن زيد وقرأ سعيد بن جبير صحفاً بإسكان الحاء منشرة بالتخفيف على أن أنشر الصحف ونشرها واحد كأنزله ونزله وفي «البحر المحفوظ » في الصحيفة والثوب نشر مخففاً ثلاثياً ويقال في الميت أنشره الله تعالى ونشره ويقال أنشره الله تعالى فنشر هو أي أحياه فحي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلۡ يُرِيدُ كُلُّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ أَن يُؤۡتَىٰ صُحُفٗا مُّنَشَّرَةٗ} (52)

ف { يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً } نازلة عليه من السماء ، يزعم أنه لا ينقاد للحق إلا بذلك ، وقد كذبوا ، فإنهم لو جاءتهم كل آية لم يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، فإنهم جاءتهم الآيات البينات التي تبين الحق وتوضحه ، فلو كان فيهم خير لآمنوا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{بَلۡ يُرِيدُ كُلُّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ أَن يُؤۡتَىٰ صُحُفٗا مُّنَشَّرَةٗ} (52)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى} يقول: يعطى {صحفا منشرة} فيها كتاب من الله تعالى...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء المشركين في إعراضهم عن هذا القرآن أنهم لا يعلمون أنه من عند الله، ولكن كلّ رجل منهم يريد أن يؤتى كتابا من السماء ينزل عليه.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{صُحُفاً مُّنَشَّرَةً} قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها أو كتباً كتبت في السماء ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها غضة رطبة لم تطو بعد؛ وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لن نتبعك حتى تأتي كل واحد منا بكتب من السماء عنوانها من رب العالمين إلى فلان بن فلان، نؤمر فيها باتباعك.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أي: بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتابًا كما أنزل على النبي.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

تلك هيئتهم الخارجية. (حمر مستنفرة، فرت من قسورة)، ثم لا يدعهم حتى يرسم نفوسهم من الداخل، وما يعتلج فيها من المشاعر: (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة).. فهو الحسد للنبي [صلى الله عليه وسلم] أن يختاره الله ويوحي إليه؛ والرغبة الملحة أن ينال كل منهم هذه المنزلة، وأن يؤتى صحفا تنشر على الناس وتعلن.. ولا بد أن الإشارة هنا كانت بصدد الكبراء الذين شق عليهم أن يتخطاهم الوحي إلى محمد بن عبد الله، فقالوا: (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم).. ولقد علم الله أين يضع رسالته واختار لها ذلك الإنسان الكريم الكبير العظيم. فكان الحنق الذي يغلي في الصدور، والذي يكشف عنه القرآن، وهو يعلل ذلك الشماس والنفار!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ذكر حالة أخرى من أحوال عنادهم، إذ قال أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمية وغيرهما من كفار قريش للنبيء صلى الله عليه وسلم: لا نؤمن لك حتى يأتي إلى كل رجل منا كتاب فيه من الله إلى فلانٍ بن فلان، وهذا من أفانين تكذيبهم بالقرآن أنه منزل من الله.

وجُمِع (صُحُف) إما لأنهم سألوا أن يكون كل أمر أو نهي تأتي الواحدَ منهم في شأنه صحيفةٌ، وإِمّا لأنهم لما سألوا أن تأتي كل واحد منهم صحيفة باسمه وكانوا جماعة متفقين جمع لذلك فكأنّ الصحف جميعها جاءت لكل أمرئ منهم.

والمنشَّرة: المفتوحة المقروءة، أي لا نكتفي بصحيفة مطوية لا نعلم ما كتب فيها و {منشَّرة} مبالَغَة في مَنْشُورة.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

أي أن المسألة قد لا تكون مسألة غفلة أو خوفٍ ونفرة، بل هي حالة الاستكبار الذي يعيشونه في شخصياتهم، فيُخيّل إليهم أن مستواهم ليس هو مستوى الناس الذين يرسل الله إليهم رسولاً لا يملك المستوى الذي يملكونه في الوسط الاجتماعي، بل لا بد من أن ينزل الله على كل واحدٍ منهم كتاباً سماوياً خاصاً به ليتناسب ذلك مع طموحاتهم الذاتية.

وقد لا تكون هذه الطروحات حقيقية في ما يفكرون به، بل قد تكون مسألة تحدٍّ للنبي [صلى الله عليه وسلم] في ما يدعوهم إليه، ليعطّلوا عليه حركة الدعوة في مجتمعاتهم، لأنهم يعرفون أنه لا يستجيب لهم في ذلك، لأنه طلب غير معقول وغير واقعي، لأن قضية الرسالة ليست عبثاً يخضع للتمنيات، ولكنها حاجةٌ واقعيةٌ تنبعث من إرادة الله المنطلقة من الحكمة الإلهية في إرسال رسله وإنزال رسالاته.