في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يَنۡحِتُونَ مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتًا ءَامِنِينَ} (82)

49

( وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ، فأخذتهم الصيحة مصبحين ، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ) . .

وهذه اللمحة الخاطفة من الأمن في البيوت الحصينة في صلب الجبال ، إلى الصيحة التي تأخذهم فلا تبقي لهم مما جمعوا ومما كسبوا ومما بنوا ومما نحتوا شيئا يغني عنهم ويدفع الهلاك الخاطف . . هذه اللمحة تلمس القلب البشري لمسة عنيفة . فما يأمن قوم على أنفسهم أكثر مما يأمن قوم بيوتهم منحوتة في صلب الصخور . وما يبلغ الاطمئنان بالناس في وقت أشد من اطمئنانهم في وقت الصباح المشرق الوديع . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يَنۡحِتُونَ مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتًا ءَامِنِينَ} (82)

وقوله تعالى : { وكانوا ينحتون } الآية ، يصف قوم صالح بشدة النظر للدنيا والتكسب منها فذكر من ذلك مثالاً أن بيوتهم كانوا ينحتونها من حجر الجبال ، و «النحت » النقر بالمعاول ونحوها في الحجارة والعود ونحوه ، وقرأ جمهور الناس «ينحِتون » بكسر الحاء ، وقرأ الحسن «ينحَتون » بفتحها ، وذلك لأجل حرف الحلق ، وهي قراءة أبي حيوة ، وقوله { آمنين } قيل معناه من انهدامها ، وقيل من حوادث الدنيا ، وقيل من الموت لاغترارهم بطول الأعمال .

قال القاضي أبو محمد : وهذا كله ضعيف ، وأصح ما يظهر في ذلك أنهم كانوا يأمنون عواقب الآخرة . فكانوا لا يعملون بحسبها ، بل كانوا يعملون بحسب الأمن منها .