في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَوۡ يَعۡلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمۡ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (39)

36

وهؤلاء المشركون كانوا يستعجلون بالعذاب ، ويسألون متى هذا الوعد . الوعد بعذاب الآخرة وعذاب الدنيا . . فها هو ذا القرآن يرسم لهم مشهدا من عذاب الآخرة ، ويحذرهم ما أصاب المستهزئين قبلهم من عذاب الدنيا :

لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون . بل تأتيهم بغتة فتبهتهم ، فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون . . ولقد استهزى ء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون .

لو يعلمون ما سيكون لكان لهم شأن غير شأنهم ، ولكفوا عن استهزائهم واستعجالهم . . فلينظروا ماذا سيكون .

ها هم أولاء تنوشهم النار من كل جانب ، فيحاولون في حركة مخبلة - يرسمها التعبير من وراء السطور - أن يكفوا النار عن وجوههم وعن ظهورهم ، ولكنهم لا يستطيعون . وكأنما تلقفتهم النار من كل جانب ، فلا هم يستطيعون ردها ، ولا هم يؤخرون عنها ، ولا هم يمهلون إلى أجل قريب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَوۡ يَعۡلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمۡ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (39)

حذف جواب { لو } إيجازاً لدلالة الكلام عليه وأبهم قدر العذاب لأنه أبلغ وأهيب من النص عليه وهذا محذوف نحو قوله تعالى : { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض }{[8228]} [ الرعد : 31 ] ، ويقدر المحذوف في جواب هذه الآية لما استعجلوه ونحوه ، وقوله { حين لا يكفون عن وجوههم النار } يريد يوم القيامة ، وذكر «الوجوه » خاصة لشرفها من الإنسان وأنها موضع حواسه وهو أحرص على الدفاع عنه ، ثم ذكر «الظهور » ليبين عموم النار لجميع أبدانهم .


[8228]:الآية (31) من سورة (الرعد).