قوله : «لو يعلم » جوابها مقدر ، لأنه أبلغ في الوعيد{[28456]} فقدره الزمخشري : لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال ولكن جهلهم هو الذي هونه عندهم{[28457]} وقدره ابن عطية : لما استعجلوا{[28458]} . وقدره الحوفي : لسارعوا{[28459]} . وقدره غيره : لعلموا صحة البعث{[28460]} . وقال البغوي : لما أقاموا على كفرهم ، ولما استعجلوا بقولهم { متى هذا الوعد }{[28461]} .
و «حين » مفعول به لعلموا ، و{[28462]} ليس منصوباً على الظرف ، أي : لو يعلمون وقت عدم كف النار{[28463]} . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون «يعلم » متروكاً بلا تعدية بمعنى : لو كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين ، و «حين » منصوب بمضمر أي حين { لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النار } يعلمون أنهم كانوا على الباطل{[28464]} . وعلى هذا ف «حين » منصوب على الظرف ، لأنه جعل مفعول العلم أنهم كانوا .
وقال أبو حيان : والظاهر أن مفعول ( يَعْلَمُ ) محذوف لدلالة ما قبله ، أي : لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعد الذي سألوا عنه واستبطأوه ، و » حِينَ «منصوب بالمفعول الذي هوة مجيء ، ويجوز أن يكون من باب الإعمال على حذف مضاف ، وأعمل الثاني{[28465]} ، والمعنى : لو يعلمون مباشرة النار حيت لا يكفونها عن وجوههم{[28466]} .
فصل{[28467]}
ثم إنه تعالى ذكر في رفع هذا الحزن عن قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجهين : الأول : أنه بيَّن ما لصاحب هذا الاستهزاء من العقاب الشديد فقال { لَوْ يَعْلَمُ الذين كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النار وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي : لو يعلمون الوقت الذي يسألون عنه بقولهم «مَتَى هَذَا الوَعْدُ » وهو وقت صعب شديد تحيط بهم فيه النار من قدّام ومن خلف ، فلا يقدرون على دفعها عن أنفسهم ، ولا يجدون ناصراً ينصرهم كقوله : { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله إِن جَآءَنَا }{[28468]} . وإنما خص الوجوه والظهور ، لأن مس العذاب لها أعظم موقعاً .
قال بعضهم : { وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ } السياط . قوله «بَغْتَةٌ » نصب على الحال ، أي : مباغتة{[28469]} . والضمير في «تأتيهم » يعود على النار{[28470]} ، وقيل : على الحين ، لأنه في معنى الساعة . وقيل : على الساعة التي تضطرهم فيها إلى العذاب{[28471]} . وقيل : على الوعد ، لأنه في معنى النار التي وعدوها قاله الزمخشري{[28472]} . وفيه تكلّف{[28473]} . وقرأ الأعمش : «بَلْ يَأتِيهِمْ » بياء الغيبة «بَغْتَةٌ » بفتح الغين «فَيَبْهَتَهُمْ » بالياء أيضاً{[28474]} . فأما الياء فأعاد الضمير على الحين أو على الوعد{[28475]} ، وقيل : على «النَّار » وإنما ذكر ضميرها ، لأنها في معنى العذاب ، ثم راعى لفظ «النَّارِ » «فأنث في قوله : «رَدَّهَا{[28476]} » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.