في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلۡيَدۡعُ نَادِيَهُۥ} (17)

فقد يخطر له أن يدعو من يعتز بهم من أهله وصحبه : ( فليدع ناديه )

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلۡيَدۡعُ نَادِيَهُۥ} (17)

قال الله عز وجل :{ فليدع ناديه } أي قومه وعشيرته ، أي فليستنصر بهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَلۡيَدۡعُ نَادِيَهُۥ} (17)

قوله تعالى : " فليدع ناديه " أي أهل مجلسه وعشيرته ، فليستنصر بهم . " سندع الزبانية " أي الملائكة الغلاط الشداد - عن ابن عباس وغيره - واحدهم زبني . قاله الكسائي . وقال الأخفش : زابن . أبو عبيدة : زبنية . وقيل : زباني . وقيل : هو اسم للجمع ، كالأبابيل والعباديد . وقال قتادة : هم الشرط في كلام العرب . وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع ، ومنه المزابنة{[16221]} في البيع . وقيل : إنما سموا الزبانية لأنهم يعملون بأرجلهم ، كما يعملون بأيديهم ، حكاه أبو الليث السمرقندي - رحمه اللّه - قال : وروي في الخبر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما قرأ هذه السورة ، وبلغ إلى قوله تعالى : " لنسفعا بالناصية " قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك . فقال اللّه تعالى : " فليدع ناديه ، سندع الزبانية " . فلما سمع ذكر الزبانية رجع فزعا ، فقيل له : خشيت منه . قال : لا ، ولكن رأيت عنده فارسا يهددني بالزبانية . فما أدري ما الزبانية ، ومال إلي الفارس ، فخشيت منه أن يأكلني . وفي الأخبار أن الزبانية رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض ، فهم يدفعون الكفار في جهنم ، وقيل : إنهم أعظم الملائكة خلقا ، وأشدهم بطشا . والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه . قال الشاعر :

مطاعيمُ في القُصْوَى مطاعينُ في الوَغَى*** زبانيةٌ غُلْب عِطَامٌ حُلُومُهَا{[16222]}

وعن عكرمة عن ابن عباس : " سندع الزبانية " قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه . فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ) . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب . وروى عكرمة عن ابن عباس قال : مر أبو جهل على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي عند المقام ، فقال : ألم أنهك عن هذا يا محمد فأغلظ له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال أبو جهل : بأي شيء تهددني يا محمد ، واللّه إني لأكثر أهل الوادي هذا ناديا ، فأنزل اللّه عز وجل : " فليدع ناديه . سندع الزبانية " . قال ابن عباس : واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب من ساعته . أخرجه الترمذي بمعناه ، وقال : حسن غريب صحيح . والنادي في كلام العرب : المجلس الذي ينتدي فيه القوم ، أي يجتمعون ، والمراد أهل النادي ، كما قال جرير :

لهم مجلسٌ صُهْبُ السِّبَالِ أذِلَّةٌ{[16223]}

وقال زهير :

وفيهمْ مقاماتٌ حسان وُجُوههم{[16224]}

وقال آخر :

واسْتَبَّ بعدك يا كُلَيْبُ المجلِسُ{[16225]}

وقد ناديت الرجل أناديه إذا جالسته . قال زهير :

وجارُ البيتِ والرجلُ المنادي *** أمامَ الحي عقدُهُمَا سَوَاءُ


[16221]:هي بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر، ونهى عنها لما يقع فيها من الغبن والجهالة.
[16222]:غلب: جمع أغلب، وهو الغليظ الرقبة. والعرب تصف السادة بغلظ الرقبة وطولها. والحلوم: جمع الحلم وهو العقل.
[16223]:تمامه: * سواسية أحرارها وعبيدها * والبيت لذي الرمة لا لجرير. و"صهب": حمره و "السبال": الشعر الذي عن يمين الشفة العليا وشمالها.
[16224]:تمام البيت: * وأندية ينتابها القول والفعل * المقامات: المجالس، وإنما سميت المقامات لأن الرجل كان يقوم في المجلس، فيحض على الخير، ويصلح بين الناس. وأندية: جمع الندى، وهو المجلس أيضا، وفيه الشاهد.
[16225]:هذا عجز بيت المهلهل يرثي أخاه كليبا. وصدره: * نبئت أن النار بعدك أوقدت *
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَلۡيَدۡعُ نَادِيَهُۥ} (17)

ولما كان هذا هو غاية الإهانة ، وكان الكفار إنما يقصدون بأعراضهم الشماخة والأنفة والعز عن أن يكونوا أتباعاً أذناباً ، وإنما عزهم بقومهم ، وأقرب من يعتز به الإنسان أهل ناديه ، وهم القوم الذين يجتمعون نهاراً ليحدث بعضهم بعضاً ، ويستروح بعضهم إلى بعضهم لما عندهم من التصافي ؛ لأنهم لا يتركون أشغالهم نهاراً ويجتمعون لذلك إلا عن ذلك ، قال تعالى مسبباً عن أخذه على هذا الوجه المزري : { فليدع } أي دعاء استغاثة { ناديه * } أي القوم الذين كانوا يجتمعون معه نهاراً يتحدثون في مكان ينادي فيه بعضهم بعضاً من أنصاره وعشيرته ليخلصوه مما هو فيه ، والذي نزلت فيه هو أبو جهل ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي نادياً .