في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

1

وتنزيل الملائكة وجبريل - عليه السلام - خاصة ، بإذن ربهم ، ومعهم هذا القرآن - باعتبار جنسه الذي نزل في هذه الليلة - وانتشارهم فيما بين السماء والأرض في هذا المهرجان الكوني ، الذي تصوره كلمات السورة تصويرا عجيبا . .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

قوله عز وجل :{ تنزل الملائكة والروح } يعني جبريل عليه السلام معهم ، { فيها } أي في ليلة القدر ، { بإذن ربهم من كل أمر } يعني بكل أمر من الخير والبركة ، كقوله : { يحفظونه من أمر الله }( الرعد- 11 ) ، أي بأمر الله .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

قوله تعالى : { تنزل الملائكة } أي تهبط من كل سماء ، ومن سدرة المنتهى ، ومسكن جبريل على وسطها . فينزلون إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر ، فذلك قوله تعالى : { تنزل الملائكة } ، { والروح فيها بإذن ربهم " أي جبريل عليه السلام . وحكى القشيري : أن الروح صنف من الملائكة ، جعلوا حفظة على سائرهم ، وأن الملائكة لا يرونهم ، كما لا نرى نحن الملائكة . وقال مقاتل : هم أشرف الملائكة ، وأقربهم من اللّه تعالى . وقيل : إنهم جند من جند اللّه عز وجل من غير الملائكة ، رواه مجاهد عن ابن عباس مرفوعا . ذكره الماوردي ، وحكى القشيري : قيل : هم صنف من خلق اللّه يأكلون الطعام ، ولهم أيد وأرجل ، وليسوا ملائكة . وقيل : " الروح " خلق عظيم يقوم صفا ، والملائكة كلهم صفا . وقيل : " الروح " الرحمة ينزل بها جبريل عليه السلام مع الملائكة في هذه الليلة على أهلها ، دليله : " ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده{[16239]} " [ النحل : 2 ] ، أي بالرحمة . " فيها " أي في ليلة القدر . " بإذن ربهم " أي بأمره . " من كل أمر " أمر بكل أمر قدره اللّه وقضاه في تلك السنة إلى قابل . قاله ابن عباس ، كقوله تعالى : " يحفظونه من أمر الله " {[16240]} [ الرعد : 11 ] أي بأمر اللّه . وقراءة العامة " تنزل " بفتح التاء ، إلا أن البزي شدد التاء . وقرأ طلحة بن مصرف وابن السميقع ، بضم التاء على الفعل المجهول . وقرأ علي وابن عباس وعكرمة والكلبي " من كل امرئ " . وروي عن ابن عباس أن معناه : من كل ملك ، وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل فيها مع الملائكة ، فيسلمون على كل امرئ مسلم . " فمن " بمعنى على . وعن أنس قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : " إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة{[16241]} من الملائكة ، يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر اللّه تعالى .


[16239]:آية 2 سورة النحل.
[16240]:آية 11 سورة الرعد.
[16241]:الكبكبة (بالفتح): الجماعة المتضامة من الناس وغيرهم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ} (4)

ولما عظمها ، ذكر وجه العظم ليكون إعلاماً بعد إبهام ، وهو أوقع في النفس ، فقال مستأنفاً : { تنزل } أي تنزلاً متدرجاً هو أصلاً على غاية ما يكون من الخفة والسرعة بما أشار إليه حذف التاء { الملائكة } أي هذا النوع العظيم الذي هو خير كله { والروح } أي جبريل عليه الصلاة والسلام ، خصه بياناً لفضله أو هو مع أشراف الملائكة ، أو هو خلق أكبر من الملائكة ، أو هو أمر تسكن إليه نفوس العارفين ، ويحصل به اليمن والبركة { فيها } وأشار إلى خفاء ذلك التنزل بإسقاط تاء التنزل مع ما تقدم من الإشارات ، ودل على زيادة البركة في ذلك التنزل وعظيم طاعة الملائكة بقوله : { بإذن ربهم } أي بعلم المحسن إليهم المربي لهم وتمكينه ، وتنزلهم إلى الأرض أو السماء الدنيا أو تقربهم من المؤمنين ، متبدىء تنزلهم { من كل أمر * } أي الأمور الكلية التي يفرقون فيها بإذن الله تفاصيل الأمور التي يريدها سبحانه في ذلك العام في أوقاتها من تلك الليلة إلى مثلها من العام المقبل ، أو من أجل تقدير كل شيء يكون في تلك السنة ، وعبر عن الشيء بالأمر إعلاماً بأنهم لا يفعلون شيئاً إلاّ بأمره .