فأما ما أعطاهم الله من نعمة ، وما وهبهم من رزق ، فإنه يتبع إرادة الله وفق حكمته وتقديره في بسط الرزق وقبضه ، ليبتلي عباده ، ولينفذ مشيئته كما يريد :
أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ? إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون . . فلا يجعلوا آيات الله سبباً في الكفر والضلال . وهي جاءت للهدى والإيمان . .
{ أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق } : أي أقالوا تلك المقالة ولم يعلموا أن الله يبسط الرزق .
{ لمن يشاء ويقدر } : أي يوسعه لمن يشاء امتحاناً ، ويضيقه ابتلاء .
{ إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون } : أي إن في ذلك المذكور من التوسعة امتحاناً والتضييق ابتلاء لآيات أي علامات على قدرة الله وكمال تدبيره لأمور خلقه .
وقوله تعالى أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي أقالوا مقالتهم تلك ولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء امتحاناً له ايشكر أم يكفر ويقدر أي يضيق على من يشاء ابتلاء له ايصبر أم يضجر ويسخط فلم يكن بسطه الرزق حباً في المبسوط له ، ولا التضييق كرهاً للمضيق عليه ، وإنما البسط كالتضييق لحكمة التربية والتدبير ، ولكن الكافرين لا يعلمون هذا فجهلهم بالحكم جعلهم يقولون الباطل ويعتقدونه أما المؤمنون فلا يقولون مقالتهم لعلمهم ونور قلوبهم فلذا هم يجدون الآيات في مثل هذا التدبير واضحة دالة على علم الله وحكمته وقدرته فيزدادون إيمانا ونوراً وبصيرة .
- بيان أن بسط الرزق وتضييقه على الأفراد أو الجماعات لا يعود إلى حُب الله للعبد أو كرهه له ، وإنما يعود لسنن التربية الإِلهية وحكم التدبير لشؤون الخلق .
- أهل الإِيمان هم الذين ينتفعون بالآيات والدلائل لأنهم أحياء يبصرون ويعقلون أما أهل الكفر فهم أموات لا يرون الآيات ولا يعقلونها .
ولما ثبت أن الضار النافع إنما هو الله ، من شاء أعطاه ، ومن شاء منعه ، ومن شاء استلبه ووضعه بعد ما رفعه ، وكان التقدير : ألم يعلموا أن ما جمعه من قبلهم لم يدفع عنهم أمر الله ، عطف عليه قوله : { أولم } ولما كان السياق لنفي العلم عن الأكثر ، وكان مقصود السورة بيان أنه صادق الوعد ومطلق العلم كافٍ فيه ، عبر بالعلم بخلاف ما مضى في الروم فقال : { يعلموا } أي بما رأوا في أعمارهم من التجارب . ولفت الكلام إلى الاسم الأعظم تعظيماً للمقام ودفعاً للبس والتعنت بغاية الإفهام : { أن الله } أي الذي له الجلال والجمال { يبسط } أي هو وحده { الرزق } غاية البسط { لمن يشاء } وإن كان لا حيلة له ولا قوة { يقدر } أي يضيق مع النكد بأمر قاهر على من هو أوسع الناس باعاً في الحيل وأمكنهم في الدول ، ومن المعلوم أنه لولا أن ذلك كله منه وحده لما كان أحد ممن له قوة في الجسم وتمكن في العلم فقيراً أصلاً .
ولما كان هذا أمراً لا ينكره أحد ، عده مسلماً وقال : { إن في ذلك } أي الأمر العظيم ، وأكده لأن أفعالهم أفعال من ينكر أن يكون فيه عبرة { لآيات لقوم } ذوي قوة وهمم عليه { يؤمنون * } أي هيئوا لأن يوجد منهم الإيمان فيجددوا التصديق في كل وقت تجديداً مستمراً بأن الأمور كلها من الله فيخافوه ويرجوه ويشكروه ولا يكفروه ، وأما غيرهم فقد حقت عليه الكلمة بما هيىء له من عمل النار ، فلا يمكنه الإيمان فليس له في ذلك آيات لأنها لا تنفعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.