في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰتٞ لِّلسَّآئِلِينَ} (7)

ويسدل السياق الستار على مشهد يوسف ويعقوب هنا ليرفعه على مشهد آخر : مشهد إخوة يوسف يتآمرون ، مع حركة تنبيه لأهمية ما سيكون :

( لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين . إذ قالوا : ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة . إن أبانا لفي ضلال مبين . اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين . قال قائل منهم : لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين ) . .

لقد كان في قصة يوسف وإخوته آيات وأمارات على حقائق كثيرة لمن ينقب عن الآيات ويسأل ويهتم . وهذا الافتتاح كفيل بتحريك الانتباه والاهتمام . لذلك نشبهه بحركة رفع الستار عما يدور وراءه من أحداث وحركات . فنحن نرى وراءه مباشرة مشهد إخوة يوسف يدبرون ليوسف ما يدبرون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰتٞ لِّلسَّآئِلِينَ} (7)

يقول تعالى : لقد كان في قصة يوسف وخبره مع إخوته آيات ، أي عبرةٌ ومواعظُ للسائلين عن ذلك ، المستخبرين عنه ، فإنه خبر عجيب ، يستحق أن يستخبر عنه ،

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰتٞ لِّلسَّآئِلِينَ} (7)

جملة ابتدائية ، وهي مبدأ القصص المقصود ، إذ كان ما قبله كالمقدمة له المنبئة بنباهة شأن صاحب القصة ، فليس هو من الحوادث التي لحقت يوسف عليه السّلام ولهذا كان أسلوب هذه الجملة كأسلوب القصص ، وهو قوله : { إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منّا } [ سورة يوسف : 8 ] نظير قوله تعالى : { إنْ يوحَى إليّ إلاّ أنّما أنا نذيرٌ مبينٌ إذ قال ربك للملائكة إنّي خالقٌ بشراً من طينٍ } [ سورة ص : 70 ، 71 ] إلى آخر القصة .

والظرفية المستفاد من { في } ظرفية مجازية بتشبيه مقارنة الدليل للمدلول بمقارنة المظروف للظرف ، أي لقد كان شأن يوسف عليه السّلام وإخوته مقارناً لدلائل عظيمة من العبر والمواعظ ، والتعريف بعظيم صنع الله تعالى وتقديره .

والآيات : الدلائل على ما تتطلب معرفته من الأمور الخفية .

والآيات حقيقة في آيات الطريق ، وهي علامات يجعلونها في المفاوز تكون بادية لا تغمرها الرمال لتكون مرشدة للسائرين ، ثم أطلقت على حجج الصدق ، وأدلة المعلومات الدقيقة . وجمع الآيات هنا مراعى فيه تعدّدها وتعدّد أنواعها ، ففي قصة يوسف عليه السّلام دلائل على ما للصّبر وحسن الطويّة من عواقب الخير والنصر ، أو على ما للحسد والإضرار بالنّاس من الخيبة والاندحار والهبوط .

وفيها من الدلائل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنّ القرآن وحي من الله ، إذ جاء في هذه السورة ما لا يعلمه إلاّ أحْبار أهل الكتاب دون قراءة ولا كتاب وذلك من المعجزات .

وفي بلاغة نظمها وفصاحتها من الإعجاز ما هو دليل على أنّ هذا الكلام من صنع الله ألقاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معجزة له على قومه أهل الفصاحة والبلاغة .

والسائلون : مراد منهم مَن يُتوقع منه السؤال عن المواعظ والحكم كقوله تعالى : { في أربعة أياممٍ سواءً للسائلين } [ سورة فصلت : 10 ] . ومثل هذا يستعمل في كلام العرب للتشويق ، والحثّ على تطلب الخبر والقصة . قال طرفة :

سائلوا عنّا الذي يعرفنا *** بقوانا يوم تحلاق اللمم

وقال السموءل أو عبد الملك الحارثي

سَلي إن جهلت الناسَ عنّا وعنهم *** فليس سواءً عالمٌ وجهول

وقال عامر بن الطفيل :

طُلّقتِ إن لم تَسْألي أيُّ فارس *** حَليلك إذ لاَقَى صُداءً وخَثعما

وقال أنيف بن زبان النبهاني :

فلمّا التقينا بين السّيف بيننا *** لسائلة عنا حَفي سؤالها

وأكثر استعمال ذلك في كلامهم يكون توجيهه إلى ضمير الأنثى ، لأنّ النساء يُعنين بالسؤال عن الأخبار التي يتحدث الناس بها ، ولمّا جاء القرآن وكانت أخباره التي يشوق إلى معرفتها أخبارَ علم وحكمة صُرف ذلك الاستعمال عن التوجيه إلى ضمير النسوة ، ووجّه إلى ضمير المذكّر كما في قوله : { سَأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ } [ سورة المعارج : 1 ] وقوله : { عَمّ يتساءلون } [ سورة النبأ : 1 ] .

وقيل المراد ب ( السائلين ) اليهود إذ سأل فريق منهم النبي عن ذلك . وهذا لا يستقيم لأنّ السورة مكيّة ولم يكن لليهود مخالطة للمسلمين بمكة .