الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{۞لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰتٞ لِّلسَّآئِلِينَ} (7)

قوله تعالى : " لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين " يعني من سأل عن حديثهم . وقرأ أهل مكة " آية " على التوحيد ، واختار أبو عبيد " آيات " على الجمع ، قال : لأنها خير كثير . قال النحاس : و " آية " هنا قراءة حسنة ، أي لقد كان للذين سألوا عن خبر يوسف آية فيما خبروا به ؛ لأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فقالوا : أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر ، فبكى عليه حتى عمي ؟ - ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب ، ولا من يعرف خبر الأنبياء ؛ وإنما وجه اليهود إليهم{[8954]} من المدينة يسألونه عن هذا - فأنزل الله عز وجل سورة " يوسف " جملة واحدة ، فيها كل ما في التوراة من خبر وزيادة ، فكان ذلك آية للنبي صلى الله عليه وسلم ، بمنزلة إحياء عيسى ابن مريم عليه السلام الميت . " آيات{[8955]} " موعظة ، وقيل : عبرة . وروي أنها في بعض المصاحف " عبرة " . وقيل : بصيرة . وقيل : عجب ، تقول فلان آية في العلم والحسن أي عجب . قال الثعلبي في تفسيره : لما بلغت الرؤيا إخوة يوسف حسدوه ، وقال ابن زيد : كانوا أنبياء ، وقالوا : ما يرضى أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه ! فبغوه بالعداوة ، وقد تقدم رد هذا القول . قال الله تعالى : " لقد كان في يوسف وإخوته " وأسماؤهم : روبيل وهو أكبرهم ، وشمعون ولاوى ويهوذا وزيالون ويشجر ، وأمهم ليا بنت ليان ، وهي بنت حال يعقوب ، وولد له من سريتين أربعة نفر ، دان ونفتالي وجاد وأشر ، ثم توفيت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل ، فولدت له يوسف وبنيامين ، فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلا . قال السهيلي : وأم يعقوب اسمها رفقا ، وراحيل ماتت في نفاس بنيامين ، وليان بن ناهر بن آزر هو خال يعقوب . وقيل : في اسم الأمتين ليا وتلتا ، كانت إحداهما لراحيل ، والأخرى لأختها ليا ، وكانتا قد وهبتاهما ليعقوب ، وكان يعقوب قد جمع بينهما ، ولم يحل لأحد بعده ؛ لقول الله تعالى : " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " {[8956]} [ النساء : 23 ] . وقد تقدم الرد على ما قاله ابن زيد ، والحمد لله .


[8954]:من ع و ز و ك و ي.
[8955]:في ع: آية. بالتوحيد وهو المطابق للتفسير.
[8956]:راجع ج 5 ص 116.