اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰتٞ لِّلسَّآئِلِينَ} (7)

قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ } الآية .

قال الزمخشري : " أسماء إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام يهوذا ورُوبيل ، وشمعُون ، ولاوي ، وزبالون ، ويشجر ، وأمهم : ليا بن ليان ، وهي ابنة خال يعقوب ، وولد له من سريتين تسمى إحداهما زلفة والأخرى بلهة أربعة أولاد : دان ، ونفتالي ، وجاد وآشر ، فلما توفيت " ليا " تزوج يعقوب أختها راحيل ، فولدت له يوسف وبنيامين " .

قوله تعالى قرأ ابن كثير " آية " بالإفراد ، والمراد بها : الجِنْس ، والباقون الجمع تصريحاً بالمراد ؛ لأنها كانت علامات كثيرة ، وزعم بعضهم : أن ثمَّ معطوفاً محذوفاً ، تقديره : للسَّائلين ولغيرهم ، ولا حاجة إليه ، و " للسَّائلِينَ " : متعلقٌ بمحذوفٍ نعتاً ل " آياتٌ " .

فصل

معنى : { آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } أنه عبرة للمتعبرين ؛ فإنها تشتمل على حسد إخوة يوسف ، وما آل إليه أمرهم من الحسدن وتشتمل على صبر يوسف عن قضاء الشُّهُود ، وعلى الرقِّ والسِّجن ، ما آل إليه أمرهُ من الوُصول إلى المراد ، وغير ذلك .

وقيل : { آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } ، أي دلالة على نُبُوَّة الرسول صلوات الله وسلام عليه .

وقال ابن عباس رضي الله عنهما دخل حبر من اليهُود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع منه [ قراءة ] سورة يوسف ، فعاد إلى اليهودِ ، فأعلمهم أنَّه سمع كما في التَّوراة ، فانطلق نفرٌ منهم ، فسَمِعُوا كما سَمِع ؛ فقالوا له : من علَّمك هذه القصَّ ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " الله عَلَّمَنِي " فنزلت : { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } .

قال ابن الخطيب : " وهذا الوجه عندي بعيد ؛ لأن المفهوم من الآية : أن في واقعة يُوسف عليه الصلاة والسلام ت آياتٌ للسَّائلينَ ، وعلى ما قلناه : ما كانت الآيات في قصَّة يُوسف ، بل كانت في إخبار محمَّد صلى الله عليه وسلم عنها ، من تعلُّم ولا مطالعة .

الثاني : أن أكثر أهل مكَّة كانُوا أقارب الرَّسُول عليه الصلاة والسلام ، وكانُوا يُنْكِرُون نُبوَّته ، ويظهرُون العداوة الشَّديدة معهُ بسبب الحسد ، فذكر الله تعالى هذه القصَّة ، وبيَّن أنَّ إخوة يُوسُف بالغُوا في إيذائه لأجل الحسد ، وبالآخرة إن الله نصره ، وقواه ، وجعلهم تحت يده ، ومثل هذه الواقعة إذا سمعها العاقل ، كانت زاجرة له عن الإقدام على الحسد .

الثالث : أن يعقُوب عليه الصلاة والسلام لما عبر رُؤيا يُوسُف ، وقع ذلك التَّعبير ، ودخل في الوُجُود بعد ثمانين سنة ، فكذلك أن الله تعالى ت كما وعد مُحمَّداً صلى الله عليه وسلم بالنَّصر والظفر ، كان الأمر كما قدَّره الله تعالى لا كما سعى فيه الأعداء في إبطال أمره " .