ألم . تلك آيات الكتاب الحكيم . هدى ورحمة للمحسنين ، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، وهم بالآخرة هم يوقنون . أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون . .
الافتتاح بالأحرف المقطعة . ( ألف . لام . ميم )والإخبار عنها بأنها : ( تلك آيات الكتاب الحكيم )للتنبيه إلى أن آيات الكتاب من جنس تلك الأحرف - على نحو ما تقدم في السور المبدوءة بالأحرف - واختيار وصف الكتاب هنا بالحكمة ، لأن موضوع الحكمة مكرر في هذه السورة ، فناسب أن يختار هذا الوصف من أوصاف الكتاب في جوه المناسب على طريقة القرآن الكريم . ووصف الكتاب بالحكمة يلقي عليه ظلال الحياة والإرادة ، فكأنما هو كائن حي متصف بالحكمة في قوله وتوجيهه ، قاصد لما يقول ، مريد لما يهدف إليه . وإنه لكذلك في صميمه . فيه روح . وفيه حياة . وفيه حركة . وله شخصية ذاتية مميزة . وفيه إيناس . وله صحبة يحس بها من يعيشون معه ويحيون في ظلاله ، ويشعرون له بحنين وتجاوب كالتجاوب بين الحي والحي ، وبين الصديق والصديق !
إذا كانت هذه السورة نزلت بسبب سؤال قريش عن لقمان وابنه فهذه الآيات إلى قوله { ولقد ءاتينا لقمان الحكمة } [ لقمان : 12 ] بمنزلة مقدمة لبيان أن مرمى القرآن من قصّ القصة ما فيها من علم وحكمة وهدى وأنها مسوقة للمؤمنين لا للذين سألوا عنها فكان سؤالهم نفعاً للمؤمنين .
والإشارة ب { تِلْكَ } إلى ما سيذكر في هذه السورة ، فالمشار إليه مقدر في الذهن مترقب الذكر على ما تقدم في قوله { ذلك الكِتَاب } في أول البقرة ( 2 ) وفي أول سورة الشعراء ( 2 ) والنمل ( 1 ) والقصص ( 2 ) .
{ وآيات الكتاب } خبر عن اسم الإشارة . وفي الإشارة تنبيه على تعظيم قدر تلك الآيات بما دل عليه اسم الإشارة من البعد المستعمل في رفعة القدر ، وبما دلت عليه إضافة الآيات إلى الكتاب الموصوف بأنه الحكيم وأنه هدى ورحمة وسبب فلاح .
و { الحكيم } : وصف للكتاب بمعنى ذي الحكمة ، أي لاشتماله على الحكمة . فوصف { الكِتَاب } ب { الحَكِيم } كوصف الرجل بالحكيم ، ولذلك قيل : إن الحكيم استعارة مكنية ، أو بعبارة أرشق تشبيه بليغ بالرجل الحكيم . ويجوز أن يكون الحكيم بمعنى المُحْكَم بصيغة اسم المفعول وصفاً على غير قياس كقولهم : عَسل عقيد ، لأنه أُحكم وأتقن فليس فيه فضول ولا مالا يفيد كمالاً نفسانياً . وفي وصف { الكِتَاب } بهذا الوصف براعة استهلال للغرض من ذكر حكمة لقمان . وتقدم وصف الكتاب ب { الحَكِيم } في أول سورة يونس ( 1 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.