في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

26

( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون . أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ) . .

والأمر لا يخرج عن هذين الحالين . فإذا ذهب الله بنبيه فسيتولى هو الانتقام من مكذبيه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

ثم قال : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } أي : لا بد أن ننتقم منهم ونعاقبهم ، ولو ذهبت أنت ، { أَوْ {[26050]} نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ } أي : نحن قادرون على هذا وعلى هذا . ولم يقبض الله رسوله حتى أقر عينه من أعدائه ، وحكمه في نواصيهم ، وملكه ما تضمنته صياصيهم . هذا معنى قول السدي ، واختاره ابن جرير .

وقال ابن جرير{[26051]} حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن{[26052]} ثور ، عن معمر قال : تلا قتادة : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } فقال : ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة ، ولم يُرِ الله{[26053]} نبيه صلى الله عليه وسلم في أمته شيئا يكرهه ، حتى مضى{[26054]} ، ولم يكن نبي قط إلا ورأى {[26055]} العقوبة في أمته ، إلا نبيكم صلى الله عليه وسلم . قال : وذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرِيَ ما يصيب أمته من بعده ، فما رُئِي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله عز وجل . {[26056]}

وذكر من رواية سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة نحوه . ثم روى ابن جرير عن الحسن نحو ذلك أيضا .

وفي الحديث : " النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما تُوعَدُ ، وأنا أمَنَة لأصحابي ، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون " . {[26057]}


[26050]:- (1) في ت، أ: "وإما" وهو خطأ.
[26051]:- (2) في ت: "وروى هو قال".
[26052]:- (3) في ت: "أبو".
[26053]:- (4) في أ: "الله تعالى".
[26054]:- (5) في ت، م: "قبض".
[26055]:- (6) في ت، م، أ: "إلا وقد رأى".
[26056]:- (7) تفسير الطبري (25/45).
[26057]:- (8) رواه مسلم في صحيحه برقم (2531) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

تفريع على جملة { أفأنت تسمع الصم } [ الزخرف : 40 ] إلى آخرها المتضمنة إيماء إلى التأييس من اهتدائهم ، والصريحة في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم من شدة الحرص في دعوتهم ، فجاء هنا تحقيق وَعد بالانتقام منهم ، ومعناه : الوعد بإظهار الدِين إن كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته ، ووعيدهم بالعقاب في الدّنيا قبل عقاب الآخرة ، فلأجل الوفاء بهذين الغرضين ذُكر في هذه الجملة أمران : الانتقام منهم لا محالة ، وكونُ ذلك واقعاً في حياة الرّسول صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته . والمفرّع هو { فإنا منهم منتقمون } وما ذكر معه ، فمراد منه تحقق ذلك على كل تقدير .

و ( إما ) كلمتان متصلتان أصلهما ( إنْ ) الشرطية و ( مَا ) زائدة بعد ( إنْ ) ، وأدغمت نون ( إنْ ) في الميم من حرف ( مَا ) ، وزيادةُ ( ما ) للتأكيد ، ويكثر اتصال فعل الشرط بعد ( إن ) المزيدة بعدها ( ما ) بنون التوكيد زيادة في التأكيد ، ويكتبونها بهمزة وميم وألف تبعاً لحالة النطق بها .