في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (96)

73

وما دامت هذه سنة الله في خلقه ، فهو يأمر الرسول [ ص ] أن ينهي معهم الجدل ، وأن يكل أمره وأمرهم إلى الله يشهده عليهم ، ويدع له التصرف في أمرهم ، وهو الخبير البصير بالعباد جميعا :

( قل : كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ، إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ) . .

وهو قول يحمل رائحة التهديد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (96)

يقول تعالى مرشدًا نبيه إلى الحجة على قومه ، في صدق ما جاءهم به : أنه شاهد عليّ وعليكم ، عالم بما جئتكم به ، فلو كنت كاذبًا [ عليه ]{[17852]} انتقم مني أشد الانتقام ، كما قال تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } [ الحاقة : 44 - 46 ] .

وقوله : { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } أي : عليم بهم بمن يستحق الإنعام والإحسان والهداية ، ممن يستحق الشقاء والإضلال{[17853]} والإزاغة . ولهذا قال : { وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } .


[17852]:زيادة من أ.
[17853]:في ت: "الضلال".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (96)

{ قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم } على أني رسول الله السكم بإظهاره المعجزة على وفق دعواي ، أو على أني بلغت ما أرسلت به إليكم وأنكم عاندتهم وشهيدا نصب على الحال أو التمييز . { إنه كان بعباده خبيرا بصيرا } يعلم أحوالهم الباطنة منها والظاهرة فيجازيهم عليها ، وفيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتهديد للكفار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (96)

روى البخاري أن الملأ من قريش الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم المقالات التي تقدم ذكرها من عرض الملك عليه والغنى وغير ذلك ، قالوا له في آخر قولهم : فلتجىء معك طائفة من الملائكة تشهد لك بصدقك في نبوتك ، قال المهدوي : روي أنهم قالوا له : فمن يشهد لك ؟ .

قال القاضي أبو محمد : ومعنى أقوالهم إنما هو طلب شهادة دون أن يذكروها ، ففي ذلك نزلت الآية ، أي الله يشهد بيني وبينكم الذي له الخبر والبصر لجميعنا صادقنا وكاذبنا ،

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (96)

بعد أن خص الله محمداً صلى الله عليه وسلم بتلقين الحجة القاطعة للضلالة أردف ذلك بتلقينه أيضاً ما لقنه الرسل السابقين من تفويض الأمر إلى الله وتحكيمه في أعدائه ، فأمره ب { قل كفى بالله } تسلية له وتثبيتاً لنفسه وتعهداً له بالفصل بينه وبينهم كما قال نوح وهود { رب انصرني بما كذبون } [ المؤمنون : 26 ] ، وغيرهما من الرسل قال قريباً من ذلك .

وفي هذا رد لمجموع مقترحاتهم المتقدمة على وجه الإجمال .

ومفعول { كفى } محذوف ، تقديره : كفاني . والشهيد : الشاهد ، وهو المخبر بالأمر الواقع كما وقع .

وأريد بالشهيد هنا الشهيد للمُحق على المبطل ، فهو كناية عن النصير والحاكم لأن الشهادة سبب الحكم ، والقرينَةُ قوله : { بيني وبينكم } لأن ظرف ( بين ) يناسب معنى الحُكم . وهذا بمعنى قوله تعالى : { حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين } [ الأعراف : 87 ] وقوله : { يوم القيامة يفصل بينكم } [ الممتحنة : 3 ] .

والباء الداخلة على اسم الجلالة زائدة لتأكيد لصوق فعل { كفى } بفاعله . وأصله : كفى الله شهيداً .

وجملة { إنه كان بعباده خبيرا بصيراً } تعليل للاكتفاء به تعالى ، والخبير : العليم . وأريد به العليم بالنوايا والحقائق ، والبصير : العليم بالذوات والمشاهداتتِ من أحوالها . ، والمقصود من اتباعه به إحاطةُ العلم وشموله .