إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (96)

{ قُلْ } لهم ثانياً من جهتك بعد ما قلت لهم من قِبلنا ما قلتَ وبينتَ لهم ما تقضيه الحكمةُ في البعثة ولم يرفعوا إليه رأساً { كفى بالله } وحده { شَهِيداً } على أني أدّيتُ ما عليّ من مواجب الرسالةِ أكملَ أداءٍ وأنكم فعلتم ما فعلتم من التكذيب والعِناد ، وتوجيهُ الشهادةِ إلى كونه عليه السلام رسولاً بإظهار المعجزةِ على وفق دعواه كما اختير لا يساعده قوله تعالى : { بيني وَبَيْنَكُمْ } وما بعده من التعليل ، وإنما لم يقل : بيننا تحقيقاً للمفارقة وإبانةً للمباينة ، وشهيداً إما حالٌ أو تمييزٌ { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ } من الرسل والمرسَلِ إليهم { خَبِيرَا بَصِيرًا } محيطاً بظواهر أحوالِهم وبواطنها فيجازيهم على ذلك وهو تعليلٌ للكفاية ، وفيه تسليةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديدٌ للكفار .