الآية 96 : وقوله تعالى : { قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا } قال بعضهم : كفى ما أقام الله من الآيات على رسالتي وأني رسول إليكم ، إذ كان ذلك من قول كان من الكفرة من إنكار الرسالة .
و قال بعضهم : يحتمل أن يكون ذلك على الإياس من إيمانهم كقوله : { لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا } الآية ( الشورى : 15 ) .
وقوله تعالى : { إنه كان بعباده خبيرا بصيرا } يذكر هذا ، والله أعلم بأنه عن علم بإجابتهم وردهم بعثه إليهم{[11245]} رسولا لا عن جهل بأحوالهم . وليس في ما يعلم أنهم يردون ، ولا يجيبون رسله ، خروج عن الحكمة ، لأنه ليس في إجابتهم منفعة للرسل ولا ردهم ضرر له . وإنما{[11246]} المنفعة في الإجابة لهم ، في الرد الضرر عليهم . لذلك لم يكن في بعث الرسل على علم منه بالرد خروج{[11247]} عن الحكمة ، لأن في الشاهد أن ما يبعث الرسول لمنفعة يتأمل ( أن تصل إليه ، أو تدفع ضررا ){[11248]} عنه . فإذا علم لأنه يَرُدُّ رسالته ولا يُجيب{[11249]} كان في وقت ( بعثه الرسول ){[11250]} بعد علمه بالرَّدِّ خروج{[11251]} عن الحكمة .
أو يُخَرَّجُ قوله : { إنه كان بعباده خبيرا بصيرا }على الوعيد ، وكذلك أمثاله .
وإن احتج علينا بعض المعتزلة بقوله : { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى } ( الإسراء : 94 ) يقولون له : منعنا القضاء والقدر ؛ إذ من قولهم : أن من يفعل الإنسان من فعل أو ( معصية ){[11252]} أو طاعة فإنما يفعل بقضائه وتقديره . فيكون لهم الاحتجاج عليه بأن يقولوا : منعنا قضاؤك وتقديرك .
لكن هذا فاسد ، لأنهم لا يفعلون هم ما يفعلون عند وقت فعلهم ، لأن الله قضى ذلك وقدر ، ولو جاز لهم هذا الاحتجاج ، لأنه كذلك قضى ، وقدر ، فإذا كانوا هم عند أنفسهم لا يفعلون ما يفعلون ، لأنه كذلك قضى عليهم ، وقدر ، لم يكن لهم الاحتجاج عليه بذلك ، لأن القضاء والقدر لم يضطرهم إلى ذلك ، ولا قهرهم عليه . بل كان غيره ممكنا لهم .
لذلك لم يكن لهم الاحتجاج عليه بذلك ، لأن الاحتجاج{[11253]} بهذا ؛ أعني بالقضاء والقدر ( لو كان ){[11254]} لكان لهم الاحتجاج عليه أيضا بالعلم ، إذ لاشك أنه علم ذلك منهم ؛ فإذا لم يكن الاحتجاج عليه بما علم منهم ذلك . إذ يقدرون أن يفعلوا غير الذي علم منهم . فعلى ذلك لم يكن الاحتجاج عليه بالقضاء والقدر لما علم أنه يختار ذلك ، ويؤثره على ذلك{[11255]} .
دل أنه ذلك ليس بشيء لما قضى ذلك عليهم وقدر . وإذا كانوا هم عند أنفسهم ، لا يفعلون وقت فعلهم لما كذلك قضى عليهم ، فلم يكن الاحتجاج لهم عليه بذلك ، إذ القضاء والقدر لم ينعهم عن ذلك لما يضطرون إلى ذلك . وإنما قضى ذلك لما علم أنهم يفعلون ، ويختارون ذلك . لذلك ما ذكرنا . وكذلك كل ما قضى في الشاهد على آخر إنما يقضي لما سبق منه العلم به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.