في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ} (5)

ويوجهه إلى هجران الشرك وموجبات العذاب : ( والرجز فاهجر ) . . والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] كان هاجرا للشرك ولموجبات العذاب حتى قبل النبوة . فقد عافت فطرته السليمة ذلك الانحراف ، وهذا الركام من المعتقدات الشائهة ، وذلك الرجس من الأخلاق والعادات ، فلم يعرف عنه أنه شارك في شيء من خوض الجاهلية . ولكن هذا التوجيه يعني المفاصلة وإعلان التميز الذي لا صلح فيه ولا هوادة . فهما طريقان مفترقان لا يلتقيان . كما يعني التحرز من دنس هذا الرجز - والرجز في الأصل هو العذاب ، ثم أصبح يطلق على موجبات العذاب - تحرز التطهر من مس هذا الدنس !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ} (5)

وقوله : { وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { وَالرُّجْزَ } وهو الأصنام ، فاهجر . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والزهري ، وابن زيد : إنها الأوثان .

وقال إبراهيم ، والضحاك : { وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ } أي : اترك المعصية .

وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك ، كقوله : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } [ الأحزاب : 1 ] { وَقَالَ مُوسَى لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } [ الأعراف : 142 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني الأوثان.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَالرّجْزَ فاهْجُرْ" اختلفت القرّاء في قراءة ذلك؛

فقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة: «والرِّجْز» بكسر الراء، وقرأه بعض المكيين والمدنيين « والرُّجْزَ» بضم الراء، فمن ضمّ الراء وجهه إلى الأوثان، وقال: معنى الكلام: والأوثان فاهجر عبادتها، واترك خدمتها. ومن كسر الراء وجّهه إلى العذاب، وقال: معناه: والعذاب فاهجر، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

واختلف أهل التأويل في معنى الرّجْزَ في هذا الموضع؛

فقال بعضهم: هو الأصنام...

وقال آخرون: بل معنى ذلك: والمعصية والإثم فاهجر.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فالرجز اسم للمأثم، واسم لما يعذب عليه، فيكون منصرفا إلى ما تتأذى به النفس، وتتألم به.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويوجهه إلى هجران الشرك وموجبات العذاب: (والرجز فاهجر).. والرسول [صلى الله عليه وسلم] كان هاجرا للشرك ولموجبات العذاب حتى قبل النبوة. فقد عافت فطرته السليمة ذلك الانحراف، وهذا الركام من المعتقدات الشائهة، وذلك الرجس من الأخلاق والعادات، فلم يعرف عنه أنه شارك في شيء من خوض الجاهلية. ولكن هذا التوجيه يعني المفاصلة وإعلان التميز الذي لا صلح فيه ولا هوادة. فهما طريقان مفترقان لا يلتقيان. كما يعني التحرز من دنس هذا الرجز -والرجز في الأصل هو العذاب، ثم أصبح يطلق على موجبات العذاب- تحرز التطهر من مس هذا الدنس.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والهجر: ترك المخالطة وعدم الاقتراب من الشيء. والهجر هنا كناية عن ترك التلبس بالأحوال الخاصة بأنواع الرجز لكل نوع بما يناسبه في عرف الناس.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قيل: الرجز العذاب، والمراد بهجره هجر سببه، وهو الإثم والمعصية، وقيل: الرجز اسم لكل قبيح مستقذر من الأفعال والأخلاق، وقيل: الرجز: هو الصنم، فيكون كنايةً عن الشرك.

وفي جميع المعاني، تتضمن الفقرة توجيه النبي إلى هجران الأمور التي تتنافى مع المضمون الحيّ لرسالته، لأن التلوّث بالخبث الروحي أو الفكري أو العملي، يعني الانفصال عن خط الرسالة، والاستسلام للوضع المنحرف الذي يحوّله إلى إنسانٍ منحرفٍ خبيث، لا يستطيع أن ينطلق بخفّة الروح، وطهارة الضمير، وسلامة الخط، واتّزان الحركة في خطواته، ممّا يبتعد به عن الوصول إلى النتائج الكبيرة التي يتحرك في اتجاهها في الدعوة... وقد نستوحي من كلمة الهجر للرجز بجميع معانيه، أن الدعوة لا بد من أن تتحرك في خطين: خطٍّ إيجابيٍّ يلتزم الأخذ بكل طاهرٍ وحسنٍ، وخطٍّ سلبيٍّ يلتزم الإِعراض عن كل رجس وقبيح، انطلاقاً ممّا يمثّله السير على خط الإسلام، والابتعاد عن خط الجاهلية.