وفي ظل هذا المثل الذي تخايل فيه النعمة والرزق ، كما يخايل فيه المنع والحرمان ، يأمرهم بالأكل مما أحل لهم من الطيبات وشكر الله على نعمته إن كانوا يريدون أن يستقيموا على الإيمان الحق بالله ، وأن يخلصوا له العبودية خالصة من الشرك ، الذي يوحي إليهم بتحريم بعض الطيبات على أنفسهم باسم الآلهة المدعاة :
( فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ، واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون ) .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَكُلُواْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ إِن كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ } .
يقول تعالى ذكره : فكلوا أيها الناس مما رزقكم الله من بهائم الأنعام التي أحلها لكم حلالاً طيبا مُذَكّاة غير محرّمة عليكم . { وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ } ، يقول : واشكروا الله على نعمه التي أنعم بها عليكم في تحليله ما أحلّ لكم من ذلك ، وعلى غير ذلك من نعمه . { إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ } ، يقول : إن كنتم تعبدون الله ، فتطيعونه فيما يأمركم وينهاكم . وكان بعضهم يقول : إنما عني بقوله : { فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيّبا } ، طعاما كان بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين من قومه في سِنِي الجدب والقحط رقة عليهم ، فقال الله تعالى للمشرلين : فكلوا مما رزقكم الله من هذا الذي بعث به إليكم حلالاً طيبا . وذلك تأويل بعيد مما يدلّ عليه ظاهر التنزيل ، وذلك أن الله تعالى قد أتبع ذلك بقوله : { إنّمَا حَرّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ والدّمَ . . . } الآية ، والتي بعدها ، فبين بذلك أن قوله : { فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيّبا } إعلام من الله عباده أن ما كان المشركون يحرّمونه من البحائر والسوائب والوصائل وغير ذلك مما قد بيّنا قبل فيما مضى لا معنى له ، إذ كان ذلك من خطوات الشيطان ، فإن كلّ ذلك حلال لم يحرّم الله منه شيئا .
{ فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } ، أمرهم بأكل ما حل الله لهم وشكر ما أنعم عليهم بعدما زجرهم عن الكفر وهددهم عليه بما ذكر من التمثيل والعذاب الذي حل بهم ، صداً لهم عن صنيع الجاهلية ومذاهبها الفاسدة . { واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون } ، تطيعون ، أو إن صح زعمكم أنكم تقصدون بعبادة الآلهة عبادته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.