تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا وَٱشۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (114)

الآية : 114 وقوله تعالى : { فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } ، قال بعضهم : الحلال والطيب واحد ، وهو الحلال ، كأنه قال : كلوا مما أحل لكم الله ، كقوله : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } ( النساء : 3 ) .

وقال بعضهم : { حلالا طيبا } ، أي : حلالا ، يطيب لكم تتلذذون به ؛ ( لأن من الحلال ما لا تتلذذ به ) {[10555]} ولا تستطيب ، بل تكرهه . ( ويحتمل ) {[10556]} قوله : { طيبا } تستطيبه {[10557]} أنفسكم ، وتتلذذ به ، لا ما تستخبث ؛ لأن الله جعل غذاء البشر ما هو أطيب وألذ ، وجعل للبهائم والأنعام ما هو أخبث وأخشن ؛ لأن ما هو أطيب أدعى للشكر له . ويحتمل قوله : { فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } ، لا تبعة عليكم .

و في الآية دلالة ( أنه ) {[10558]} قد يرزق ما يَخْبُثُ ، ولا يحل ، على ما يختاره حين{[10559]} شرط فيه الحلال .

وقوله تعالى : { واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون } ، الشكر له عليهم لازم ، وإن لم يعبدوا ، وهو كقوله : { وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين } ( الأنفال : 1 ) ، طاعته وطاعة رسوله واجبة ، وإن لم يكونوا مؤمنين . أو يقول : وجهوا شكر نعمته إليه إن كنتم عابدين{[10560]} له بجهة ، أي : فعلوا العبادة له والشكر في الأحوال كلها .


[10555]:من م، ساقطة من الأصل.
[10556]:في الأصل وم: و.
[10557]:في الأصل وم: تستطيب له.
[10558]:ساقطة من الأصل وم.
[10559]:في الأصل وم: حيث.
[10560]:في الأصل وم: عابدون.