في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

23

( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ) .

وهي اللفتة الأولى إلى مصدر التكليف بهذه الدعوة ، وينبوع حقيقتها . . إنها من الله . هو مصدرها الوحيد . وهو الذي نزل بها القرآن . فليس لها مصدر آخر ، ولا يمكن أن تختلط حقيقتها بشيء آخر لا يفيض من هذا الينبوع . وكل ما عدا هذا المصدر لا يتلقى عنه ، ولا يستمد منه ، ولا يستعار لهذه العقيدة منه شيء ، ولا يخلط بها منه شيء . . ثم إن الله الذي نزل هذا القرآن وكلف بهذه الدعوة لن يتركها . ولن يترك الداعي إليها ، وهو كلفه ، وهو نزل القرآن عليه .

ولكن الباطل يتبجح ، والشر ينتفش ، والأذى يصيب المؤمنين ، والفتنة ترصد لهم ؛ والصد عن سبيل الله يملكه أعداء الدعوة ويقومون به ويصرون عليه ، فوق إصرارهم على عقيدتهم وأوضاعهم وتقاليدهم وفسادهم وشرهم الذي يلجون فيه ! ثم هم يعرضون المصالحة ، وقسمة البلد بلدين ، والالتقاء في منتصف الطريق . . وهو عرض يصعب رده ورفضه في مثل تلك الظروف العصيبة !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

يقول تعالى ممتنًا على رسوله صلى الله عليه وسلم بما نزله عليه من القرآن العظيم تنزيلا

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

قوله : إنّا نَحْنُ نَزّلْنا عَلَيْكَ القُرآنَ تَنْزِيلاً يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنا نحن نزّلنا عليك يا محمد هذا القرآن تنزيلاً ، ابتلاء منا واختبارا فاصْبِرْ لِحُكُمِ رَبّكَ يقول : اصبر لما امتحنك به ر بك من فرائضه ، وتبليغ رسالاته ، والقيام بما ألزمك القيام به في تنزيله الذي أوحاه إليك وَلتُطِعْ مِنْهُمْ آثِما أو كَفُورا يقول : ولا تطع في معصية الله من مشركي قومك آثما يريد بركوبه معاصيه ، أو كفورا : يعني جحودا لنعمه عنده ، وآلائه قِبلَه ، فهو يكفر به ، ويعبد غيره .

وقيل : إن الذي عني بهذا القول أبو جهل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِما أوْ كَفُورا قال : نزلت في عدوّ الله أبي جهل .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة أنه بلغه أن أبا جهل قال : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأنّ عنقه ، فأنزل الله : وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِما أوْ كَفُورا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِما أوْ كَفُورا قال : الاَثِم : المذنب الظالم والكفور ، هذا كله واحد .

وقيل : أوْ كَفُورا والمعنى : ولا كفورا . قال الفرّاء : «أو » ههنا بمنزلة الواو ، وفي الجحد والاستفهام والجزاء تكون بمعنى «لا » ، فهذا من ذلك مع الجحد ومنه قول الشاعر :

لا وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجَدْتُ وَلا *** وَجْدُ عَجُولٍ أضَلّها رُبَعُ

أوْ وَجْدُ شَيْخٍ أضَلّ ناقَتَهُ *** يَوْمَ تَوَافَى الْحَجِيجُ فانْدَفَعُوا

أراد : ولا وجدُ شيخ ، قال : وقد يكون في العربية : لا تطيعنّ منهم من أثم أو كفر ، فيكون المعنى في أو قريبا من معنى الواو ، كقولك للرجل : لأعطينك سألت أو سكتّ ، معناه : لأعطينك على كلّ حال .