التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

وبعد هذا التفصيل لما أعده الله - تعالى - لعباده الأخيار من أصناف النعيم ، المتعلق بمأكلهم ، ومشربهم . . أخذت السورة الكريمة . فى أواخرها - فى تثبيت النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه . وفى دعوته صلى الله عليه وسلم إلى المداومة على التحلى بفضيلة الصبر ، وإلى الإِكثار من ذكره - تعالى - وأنذرت الكافرين والفاسقين إذا ما استمروا فى ضلالهم . فقال - تعالى - :

{ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ . . . } .

جاء قوله - تعالى - : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ القرآن تَنزِيلاً } مؤكدا بجملة من المؤكدات . منها : إن ، ونحن ، وتنزيلا . . للرد على أولئك الجاحدين الذين أنكروا أن يكون القرآن من عند الله - تعالى - وقالوا فى شأنه : { لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هذا إِنْ هاذآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأولين } أى : إنا نحن - وحدنا - أيها الرسول الكريم - ، والذين نزلنا عليك القرآن تنزيلا محكما ، وفصلناه تفصيلا متقنا ، بأن أنزلناه على قلبك مفرقا على حسب مشيئتنا وحكمتنا .