واستطرادا مع إيقاع الحق الثابت المستقر الراسي الشامخ - وفي الطريق إلى مناقشة اعتراضهم على حقيقة البعث - يعرض بعض مظاهر الحق في بناء الكون ؛ فيوجه أنظارهم إلى السماء وإلى الأرض وإلى الرواسي ، وإلى الماء النازل من السماء ، وإلى النخل الباسقات ، وإلى الجنات والنبات . في تعبير يتناسق مع صفة الحق الثابت الراسي . . الجميل . .
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ? وما لها من فروج ) . .
إن هذه السماء صفحة من كتاب الكون تنطق بالحق الذي فارقوه . أفلم ينظروا إلى ما فيها من تشامخ وثبات واستقرار ? وإلى ما فيها بعد ذلك من زينة وجمال وبراءة من الخلل والاضطراب ! إن الثبات والكمال والجمال هي صفة السماء التي تتناسق مع السياق هنا . مع الحق وما فيه من ثبات وكمال وجمال . ومن ثم تجيء صفة البناء وصفة الزينة وصفة الخلو من الثقوب والفروج .
{ أفلم ينظروا . . . } شروع في بيان بعض أدلة القدرة التامة على البعث ، ردا لاستبعادهم إياه . وهو سبعة أدلة ؛ أي أغفلوا أو أعموا فلم ينظروا – حين أنكروا البعث – على السماء فوقهم كيف
أحكمنا بناءها ، ورفعناها بغير عمد ، وزيناها بالكواكب . { وما لها من فروج } شقوق وفتوق وصدوع . جمع فر ، وهو الشق بين الشيئين . والمراد : سلامتها من كل عيب وخلل .
قوله تعالى : " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم " نظر اعتبار وتفكر ، وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة . " كيف بنيناها " فرفعناها بلا عمد " وزيناها " بالنجوم " وما لها من فروج " جمع فرج وهو الشق ، ومنه قول امرىء القيس :
تَسُدُّ به فرجَهَا من دُبُرْ{[14149]}
قوله تعالى : { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج 6 والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج 7 تبصرة وذكرى لكل عبد منيب 8 ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد 9 والنخل باسقات لها طلع نضيد 10 رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج } .
ذلك تنبيه من الله للناس على بالغ قدرته وأنه فعال لما يريد ، فهو سبحانه خالق السماء ذات البناء المنتظم المكين ، وباسط الأرض وما عليها من أصناف النبات . وهذه الإشارة جلية إلى إحياء الموتى الموتى وبعثهم للحساب . وهو قوله سبحانه : { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها } أفلا يتدبرون ويتفكرون في خلق السماء ببنائها الرصين الهائل وما بث في أرجائها من كواكب ونجوم وغير ذلك من مختلف الأجرام والخلائق وذلك في غاية الانتظام والإحكام { وما لها من فروج } ليس في خلق السماء من شقوق ولا اضطراب وإنما جاء خلقها بقدرة الله البالغة في غاية الدقة والصيانة والإحكام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.