الآية 6 وقوله تعالى : { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيّناها وما لها من فروج } الآية ؛ يحتمل أن تكون هذه الآيات صلة ما ذكر من عجبهم من بعث الرسل من البشر والبعث بعد الموت بقوله : { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم } كأنه يقول : { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها } مرتفعة ملتصقة بعضها ببعض متّسقة بلا فروج ولا عماد مع صلابتها وكثافتها وغِلظها ؟
وألم ينظروا إلى الأرض كيف بسطناها ، وألقينا فيها الجبال الرواسي أوتادا لئلا تميد بأهلها حتى عرفوا إن من قدر على رفع السماء بلا عمد مع ارتفاعها وغِلظها وصلابتها حتى [ لا ]{[19726]} ينتهي أحد إلى طرف من طرفها ولا علم نهايتها ، وجعل منافع السماء متصلة بمنافع{[19727]} الأرض مع بعد ما بينهما قادر على الإحياء بعد الموت ، وأنه لا يُعجزه شيء ، وأن من فعل هذا لا يفعل عبثا باطلا ، ولكن يفعله عن حكمة وتدبير ؟
ولو كان على ما قالوا أن لا بعث ، ولا جزاء ، كان خلق ذلك كله عبثا باطلا ، ويكون فعل ذلك فعل سفه ، لا فعل حكمة .
فلما كان فعل ذلك كله على التدبير الذي ذكر وعلى الاتساق الذي جرى حُكمه أنشأ ذلك من غير تفاوت ، دل أنه لم ينشئ الخلق من المكلّفين ليترُكهم سدى : لا يأمر ، ولا ينهي ، ولا يمتحن ، فيكون [ خلقهم ]{[19728]} عبثا ، بل ليمتحنهم بالأمر والنهي ، ليكون فعله في العقلاء على نهج الحكمة كما في غيرهم من الخلائق .
فإذا كان كذلك فلا بدّ من رسول يخبرهم ، ويعلّمهم ما لا يقف عليه العقل من كيفية شكر المُنعم ومقداره ووقته ونحو ذلك ومؤكّد ذلك الأمر والنهي بالوعد والوعيد .
ثم كان له وضع الرسالة في من شاء وفي أي جنس شاء لأنه حكيم عليم ، لا يكون منه الخطأ في التدبير والجهل بالأصل والأوفق بالحكمة . فدلّ ذلك على إثبات الرسالة والبعث بعد الموت ، والله أعلم .
ثم قوله تعالى : { أفلم ينظروا } يخرّج على وجهين :
أحدهما : أي انظروا إلى ما ذكر . والثاني : قد نظروا بأبصارهم ، ولكم لم ينظروا نظر معتبر ، ينظر بقلبه{[19729]} ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وما لها من فُروج } قيل : من صدوع وشقوق ، والواحد فرج ، وهو الموضع /525-ب/ بين الموضعين والفرجة [ مثلّثة ]{[19730]} من الفرج ؛ ومنه يقال : فرّجت عنه الغم ، أي كشفت ، وهو كقوله تعالى : { فارجع البصر هل ترى من فطور } [ الملك : 3 ] .
أخبر أنكم لم تروا في السماء شقوقا وفطورا ، وفي الشاهد البناء ، وإن عظُم ، وأُحكِم ، لا يخلو من نقصان وشقوق ، ترد عليه ، فإذا لم تروا ذلك فهلاّ دلّكم ذلك على أن خالقه قادر على الكمال ، لا يُعجزه شيء ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.