في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

ثم يمضي في إغرائهم بالبذل وتحبيبهم في الإنفاق ، فيسمي إنفاقهم قرضا لله . ومن ذا الذي لا يربح هذه الفرصة التي يقرض فيها مولاه ? وهو يأخذ القرض فيضاعفه ويغفر به ، ويشكر المقرض ، ويحلم عليه حين يقصر في شكره . وهو الله !

( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم . والله شكور حليم ) . .

وتبارك الله . ما أكرمه ! وما أعظمه ! وهو ينشئ العبد ثم يرزقه . ثم يسأله فضل ما أعطاه . قرضا . يضاعفه . . ثم . . يشكر لعبده الذي أنشأه وأعطاه ! ويعامله بالحلم في تقصيره هو عن شكر مولاه . . ! يالله ! ! !

إن الله يعلمنا - بصفاته - كيف نتسامى على نقصنا وضعفنا ، ونتطلع إلى أعلى دائما لنراه - سبحانه - ونحاول أن نقلده في حدود طاقتنا الصغيرة المحدودة . وقد نفخ الله في الإنسان من روحه . فجعله مشتاقا أبدا إلى تحقيق المثل الأعلى في حدود طاقته وطبيعته ، ومن ثم تبقى الآفاق العليا مفتوحة دائما ليتطلع هذا المخلوق إلى الكمال المستطاع ، ويحاول الارتفاع درجة بعد درجة ، حتى يلقى الله بما يحبه له ويرضاه .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

{ قرضا حسنا } [ آية 11 الحديد ص 402 ] .

{ والله شكور } ذو شكر لأهل الإنفاق في سبيله ؛ بحسن الجزاء ومضاعفة الثواب . { حليم } لا يعجل بعقوبة المسيء ، بل يمهل طويلا ؛ ليتذكر العبد الإحسان مع العصيان فيتوب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

ثم رغب تعالى في النفقة فقال : { إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } وهو كل نفقة كانت من الحلال ، إذا قصد بها العبد وجه الله تعالى وطلب مرضاته ، ووضعها في موضعها { يُضَاعِفْهُ لَكُمْ } النفقة ، بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلى أضعاف كثيرة .

{ و } مع المضاعفة أيضًا { يغفر لَكُمُ } بسبب الإنفاق والصدقة ذنوبكم ، فإن الذنوب يكفرها الله بالصدقات والحسنات : { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } .

{ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ } لا يعاجل من عصاه ، بل يمهله ولا يهمله ، { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } والله تعالى شكور يقبل من عباده اليسير من العمل ، ويجازيهم عليه الكثير من الأجر ، ويشكر تعالى لمن تحمل من أجله المشاق والأثقال ، وناء{[1131]}  بالتكاليف الثقال ، ومن ترك شيئًا لله ، عوضه الله خيرًا منه .


[1131]:- في ب: وأنواع التكاليف.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

وكذا " إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم " تقدم الكلام فيه أيضا في " البقرة{[15058]} " وسورة " الحديد " . " ويغفر لكم والله شكور حليم " تقدم معنى الشكر في " البقرة{[15059]} " . والحليم : الذي لا يعجل .


[15058]:راجع جـ 3 ص 237 وجـ 17 ص 242.
[15059]:راجع جـ 1 ص 397.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

ولما أمر{[65891]} ورهب{[65892]} من ضده على وجه أعم ، رغب فيه تأكيداً لأمره لما فيه من الصعوبة لا سيما في زمان النبي صلى الله عليه وسلم فإن المال فيه كان في غاية العزة ولا سيما إن كان في لوازم النساء اللاتي افتتح الأمر بأن منهن أعداء ولا سيما إن كان في حال ظهور العداوة ، فقال بياناً للإفلاح متلطفاً في الاستدعاء بالتعبير{[65893]} بالقرض مشيراً إلى أنه على خلاف الطبع بأدة الشك : { إن تقرضوا الله } أي الملك الأعلى ذا الغنى المطلق المستجمع لجميع صفات الكمال بصرف المال وجميع قواكم التي جعلها فتنة لكم في طاعاته ، ورغب في الإحسان فيه بالإخلاص وغيره فقال : { قرضاً حسناً } أي على{[65894]} صفة الإخلاص والمبادرة ووضعه في أحسن مواضعه على أيسر الوجوه وأجملها وأهنأها وأعدلها ، وأعظم الترغيب فيه بأن رتب عليه الربح في الدنيا والغفران في الآخرة فقال : { يضاعفه لكم } أي لأجلكم خاصة أقل ما يكون للواحد عشراً{[65895]} إلى ما لا يتناهى على حسب النيات ، قال القشيري : يتوجه{[65896]} الخطاب بهذا على{[65897]} الأغنياء في بذل أموالهم وعلى الفقراء في إخلاء أيامهم وأوقاتهم عن مراداتهم وإيثار مراد الحق على مراد أنفسهم ، فالغني يقال له : آثر على مرادك{[65898]} في مالك وغيره{[65899]} ، والفقير يقال له : آثر حكمي في نفسك وقلبك ووقتك .

ولما كان الإنسان لما له النقصان وإن اجتهد لا يبلغ جميع ما أمر به لأن الدين وإن كان يسيراً{[65900]} فهو متين " لن يشاده أحد إلا غلبه " قال : { ويغفر لكم } أي يوقع الغفران وهو محو ما فرط عينه وأثره لأجلكم ببركة الإنفاق ، وقد تضمنت هاتان الجملتان جلب السرور ودفع الشرور ، وذلك هو السعادة كلها .

ولما كان التقدير : فاللّه غفور رحيم ، عطف عليه قوله : { والله } أي الذي لا يقاس عظمته بشيء{[65901]} { شكور } أي بليغ{[65902]} الشكر لمن يعطي لأجله ولو كان قليلاً فيثيبه ثواباً جزيلاً خارجاً عن الحصر{[65903]} وهو ناظر إلى المضاعفة { حليم * } لا يعاجل بالعقوبة على ذنب من الذنوب وإن عظم بل يمهل كثيراً طويلاً ليتذكر العبد الإحسان مع العصيان فيتوب ، ولا يهمل{[65904]} ولا يغتر بحلمه ، فإن غضب الحليم لا يطاق ، وهو راجع إلى الغفران .


[65891]:- من م، وفي الأصل وظ: أمرهم.
[65892]:- من م، وفي الأصل وظ: رهبهم.
[65893]:- من ظ وم، وفي الأصل: في التعبير.
[65894]:- سقط من م.
[65895]:- من م، وفي الأصل وظ: عشر.
[65896]:- زيد في الأصل: به، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[65897]:- من ظ وم، وفي الأصل: إلى.
[65898]:- من ظ وم، وفي الأصل: مدارك.
[65899]:- زيد من ظ وم.
[65900]:- من ظ وم، وفي الأصل يسترا.
[65901]:- زيد من م.
[65902]:- زيد في الأصل وظ، في، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[65903]:- من ظ وم، وفي الأصل: المقصر.
[65904]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا يمهل.