في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (18)

ويختم هذه الجولة بعد هذا الإيقاع العجيب ، بصفة الله التي بها الإطلاع والرقابة على القلوب :

( عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم ) . .

فكل شيء مكشوف لعلمه ، خاضع لسلطانه ، مدبر بحكمته . كي يعيش الناس وهم يشعرون بأن عين الله تراهم ، وسلطانه عليهم ، وحكمته تدبر الأمر كله حاضره وغائبه . ويكفي أن يستقر هذا التصور في القلوب ، لتتقي الله وتخلص له وتستجيب .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (18)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"عالِمُ الغَيْبِ والشّهادَةِ" يقول: عالم ما لا تراه أعين عباده ويغيب عن أبصارهم وما يشاهدونه فيرونه بأبصارهم "العَزِيزُ" يعني الشديد في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره ونهيه "الْحَكِيمُ" في تدبيره خلقه، وصرفه إياهم فيما يصلحهم...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{عالِمُ الغَيْبِ والشهَادةِ}... الدنيا والآخرة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لقائل أن يقول: هذه الأفعال مفتقرة إلى العلم والقدرة، والله تعالى ذكر العلم دون القدرة فقال: {عالم الغيب}، فنقول قوله: {العزيز} يدل على القدرة من عز إذا غلب و {الحكيم} على الحكمة، وقيل: العزيز الذي لا يعجزه شيء، والحكيم الذي لا يلحقه الخطأ في التدبير، والله تعالى كذلك فيكون عالما قادرا حكيما جل ثناؤه وعظم كبرياؤه، والله أعلم بالصواب...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان الحليم قد يتهم في حلمه بأن ينسب إلى الجهل بالذنب أو بمقداره قال: {عالم الغيب} وهو ما غاب عن الخلق كلهم فيشمل ما هو داخل القلب مما تؤثره الجبلة ولا علم لصاحب القلب به فضلاً عن غيره. ولما كان قد يظن أنه لا يلزم من علم ما غاب علم ما شهد، أو يظن أن العلم إنما يتعلق بالكليات، قال موضحاً أن علمه بالعالمين بكل من الكليات والجزئيات قبل الكون وبعده على حد سواء: {والشهادة} وهو كل ما ظهر فكان بحيث يعلمه الخلق، وهذا الوصف داع إلى الإحسان من حيث إنه يوجب للمؤمن ترك ظاهر الاسم وباطنه وكل قصور وفتور وغفلة وتهاون فيعبد الله كأنه يراه. ولما شمل ذلك كل ما غاب عن الخلق وما لم يغب عنهم فلم يبق إلا أن يتوهم أن تأخير العقوبة للعجز قال: {العزيز} أي الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء. ولما كان ذلك قد يكون لأمر آخر لا يمدح عليه قال: {الحكيم *} أي أنه ما أخره إلا لحكمة بالغة يعجز عن إدراكها الخلائق، وقد أقام الخلائق في طاعته بالجري تحت إرادته، وتارة يوافق ذلك أمره فيسمى طاعة. وتارة يخالف فيسمى معصية...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويختم هذه الجولة بعد هذا الإيقاع العجيب، بصفة الله التي بها الاطلاع والرقابة على القلوب:... فكل شيء مكشوف لعلمه، خاضع لسلطانه، مدبر بحكمته. كي يعيش الناس وهم يشعرون بأن عين الله تراهم، وسلطانه عليهم، وحكمته تدبر الأمر كله حاضره وغائبه. ويكفي أن يستقر هذا التصور في القلوب، لتتقي الله وتخلص له وتستجيب...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أمّا وصف ب {عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم} فتتميم للتذكير بعظمة الله تعالى مع مناسبتها للترغيب والترهيب اللذين اشتملت عليهما الآيات السابقة كلها لأن العالم بالأفعال ظاهرها وخفيّها لا يفيت شيئاً من الجزاء عليها بما رتب لها، ولأن العزيز لا يعجزه شيء. و {الحكيم}: الموصوف بالحكمة لا يدع معاملة الناس بما تقتضيه الحكمة من وضع الأشياء مواضعها ونوط الأمور بما يناسب حقائقها. والحكيم فعيل بمعنى: المحكم، أي المتقن في صنعه ومعاملته وهما معاً من صفاته تعالى فهو وصف جامع للمعنيين...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (18)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (18)

ولما كان الحليم قد يتهم في حلمه بأن ينسب إلى الجهل بالذنب أو بمقداره قال : { عالم الغيب } وهو ما غاب عن الخلق كلهم{[65905]} فيشمل ما هو داخل القلب مما تؤثره الجبلة ولا علم لصاحب القلب به فضلاً عن غيره . ولما كان قد يظن أنه لا يلزم من علم ما غاب علم ما شهد ، أو يظن أن العلم إنما يتعلق بالكليات ، قال موضحاً أن{[65906]} علمه بالعالمين{[65907]} بكل من الكليات والجزئيات قبل الكون وبعده على حد سواء : { والشهادة } وهو كل ما ظهر فكان بحيث يعلمه الخلق ، وهذا الوصف داع إلى الإحسان من حيث إنه يوجب للمؤمن ترك ظاهر الاسم وباطنه وكل قصور وفتور وغفلة وتهاون فيعبد الله كأنه يراه .

ولما شمل ذلك كل ما غاب عن الخلق وما لم يغب عنهم{[65908]} فلم يبق إلا أن يتوهم أن تأخير العقوبة للعجز قال : { العزيز } أي الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء . ولما كان ذلك قد يكون لأمر آخر لا يمدح عليه قال : { الحكيم * } أي أنه ما أخره إلا لحكمة بالغة يعجز عن إدراكها الخلائق ، وقد أقام الخلائق في طاعته بالجري تحت إرادته ، وتارة يوافق ذلك أمره فيسمى طاعة . وتارة يخالف فيسمى معصية ، فمن أراد أتم نعمته عليه بالتوفيق للطاعة بموافقته{[65909]} أمره بإحاطة{[65910]} علمه والإتقان في التدبير ببالغ حكمته وإدامة ذلك وحفظه عن كل آفة{[65911]} بباهر عزته ، ومن أراد منعه{[65912]} ذلك{[65913]} بذلك أيضاً والكل {[65914]}تسبيح له{[65915]} سبحانه بإفادة أنه الواحد القهار ،

ختام السورة:

وقد أحاط أول الجمعة بهذه{[1]} السورة أولها{[2]} وآخرها ، فجاءت هذه شارحة له{[3]} وكاشفة عنه{[4]} على وجه أفخم لأن مقصود هذه نتيجة مقصد تلك ، وقد رجع - بالتنزه عن شوائب النقص والاختصاص بجميع صفات الكمال وشمول القدرة للخق وإحاطة العلم بأحوال الكافر والمؤمن - على افتتاحها حسن ختامها ، وعلم علماً ظاهراً جلالة انتظامها{[5]} ، و{[6]}بداعة اتساق{[7]} جميع آيها وبراعة التئامها - والله الموفق للصواب{[8]} .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[8]:- ليس في م ومد وظ.
[65905]:- زيد من ظ وم.
[65906]:- في م: أنه.
[65907]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالمعللين.
[65908]:- من ظ وم، وفي الأصل: عنه فهو.
[65909]:- من ظ وم، وفي الأصل: بموافقة.
[65910]:- زيد من م.
[65911]:- من ظ وم، وفي الأصل: أمر.
[65912]:- زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[65913]:- زيد من ظ وم.
[65914]:- من ظ وم، وفي الأصل: تسبيحه.
[65915]:- من ظ وم، وفي الأصل: تسبيحه.