ولما كان الحليم قد يتهم في حلمه بأن ينسب إلى الجهل بالذنب أو بمقداره قال : { عالم الغيب } وهو ما غاب عن الخلق كلهم{[65905]} فيشمل ما هو داخل القلب مما تؤثره الجبلة ولا علم لصاحب القلب به فضلاً عن غيره . ولما كان قد يظن أنه لا يلزم من علم ما غاب علم ما شهد ، أو يظن أن العلم إنما يتعلق بالكليات ، قال موضحاً أن{[65906]} علمه بالعالمين{[65907]} بكل من الكليات والجزئيات قبل الكون وبعده على حد سواء : { والشهادة } وهو كل ما ظهر فكان بحيث يعلمه الخلق ، وهذا الوصف داع إلى الإحسان من حيث إنه يوجب للمؤمن ترك ظاهر الاسم وباطنه وكل قصور وفتور وغفلة وتهاون فيعبد الله كأنه يراه .
ولما شمل ذلك كل ما غاب عن الخلق وما لم يغب عنهم{[65908]} فلم يبق إلا أن يتوهم أن تأخير العقوبة للعجز قال : { العزيز } أي الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء . ولما كان ذلك قد يكون لأمر آخر لا يمدح عليه قال : { الحكيم * } أي أنه ما أخره إلا لحكمة بالغة يعجز عن إدراكها الخلائق ، وقد أقام الخلائق في طاعته بالجري تحت إرادته ، وتارة يوافق ذلك أمره فيسمى طاعة . وتارة يخالف فيسمى معصية ، فمن أراد أتم نعمته عليه بالتوفيق للطاعة بموافقته{[65909]} أمره بإحاطة{[65910]} علمه والإتقان في التدبير ببالغ حكمته وإدامة ذلك وحفظه عن كل آفة{[65911]} بباهر عزته ، ومن أراد منعه{[65912]} ذلك{[65913]} بذلك أيضاً والكل {[65914]}تسبيح له{[65915]} سبحانه بإفادة أنه الواحد القهار ،
وقد أحاط أول الجمعة بهذه{[1]} السورة أولها{[2]} وآخرها ، فجاءت هذه شارحة له{[3]} وكاشفة عنه{[4]} على وجه أفخم لأن مقصود هذه نتيجة مقصد تلك ، وقد رجع - بالتنزه عن شوائب النقص والاختصاص بجميع صفات الكمال وشمول القدرة للخق وإحاطة العلم بأحوال الكافر والمؤمن - على افتتاحها حسن ختامها ، وعلم علماً ظاهراً جلالة انتظامها{[5]} ، و{[6]}بداعة اتساق{[7]} جميع آيها وبراعة التئامها - والله الموفق للصواب{[8]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.